ما خرجوا منها أبدا وفي رواية زبيد فلم يزالوا فيها إلىيوم القيامة يعني أن الدخول فيها معصية والعاصى يستحق النار ويحتمل أن يكون المراد لو دخلوها مستحلين لما خرجوا منها أبدا وعلى هذا ففي العبارة نوع من أنواع البديع وهو الاستخدام لأن الضمير في قوله لو دخلوها للنار التي اوقدوها والضمير في قوله ما خرجوا منها أبدا لنار الآخرة لأنهم ارتكبوا ما نهوا عنه من قتل أنفسهم ويحتمل وهو الظاهر أن الضمير للنار التي أوقدت لهم أي ظنوا أنهم إذا دخلوا بسبب طاعة أميرهم لا تضرهم فأخبر النبي صلى الله عليه وسلّم أنهم لو دخلوا فيها لا حترقوا فماتوا فلم يخرجوا قوله الطاعة في المعروف في رواية حفص انما الطاعة في المعروف وفي رواية زبيد وقال للآخرين لا طاعة في معصية وفي رواية مسلم من هذا الوجه وقال للآخرين أي الذين امتنعوا قولا حسنا وفي حديث أبي سعيد من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه وفي الحديث من الفوائد أن الحكم في حال الغضب ينفذ منه ما لا يخالف الشرع وأن الغضب يغطى على ذوى العقول وفيه أن الإيمان بالله ينجى من النار لقولهم إنما فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلّم من النار والفرار إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فرار إلى الله والفرار إلى الله يطلق على الإيمان قال الله تعالى ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين وفيه أن الأمر المطلق لا يعم الأحوال لأنه صلى الله عليه وسلّم أمرهم أن يطيعوا الأمير فحملوا ذلك على عموم الأحوال حتى في حال الغضب وفي حال الأمر بالمعصية فبين لهم صلى الله عليه وسلّم أن الأمر بطاعته مقصور على ما كان منه في غير معصية وسيأتي مزيد لهذه المسألة في كتاب الأحكام أن شاء الله تعالى واستنبط منه الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة أن الجمع من هذه الأمة لا يجتمعون على خطأ لانقسام السرية قسمين منهم من هان عليه دخول النار فظنه طاعة ومنهم من فهم حقيقة الأمر وأنه مقصور على ما ليس بمعصية فكان اختلافهم سببا لرحمة الجميع قال وفيه أن من كان صادق النية لا يقع الا في خير ولو قصد الشر فإن الله يصرفه عنه ولهذا قال بعض أهل المعرفة من صدق مع الله وقاه الله ومن توكل على الله كفاه الله