كأنه فسر الأخلاط بشيئين المسلمين والمشركين ثم لما فسر المشركين بشيئين رأى إعادة ذكر المسلمين تأكيدا ولو كان قال أولاهن المسلمين والمشركين واليهود ما احتاج إلى إعادة وإطلاق المشركين على اليهود لكونهم يضاهون قولهم ويرجحونهم على المسلمين ويوافقونهم في تكذيب الرسول E ومعاداته وقتاله بعد ما تبين لهم الحق ويؤيد ذلك أنه قال في آخر الحديث قال عبد الله بن أبي بن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان فعطف عبدة الأوثان علىالمشركين وبالله التوفيق قوله عجاجة بفتح المهملة وجيمين الأولى خفيفة أي غبارها وقوله خمر أي غطى وقوله أنفه في رواية الكشميهني وجهه قوله فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلّم عليهم يؤخذ منه جواز السلام على المسلمين إذا كان معهم كفار وينوى حينئذ بالسلام المسلمين ويحتمل أن يكون الذي سلم به عليهم صيغة عموم فيها تخصيص كقوله السلام على من أتبع الهدى قوله ثم وقف فنزل عبر عن انتهاء مسيرة بالوقوف قوله أنه لا أحسن مما تقول بنصب أحسن وفتح أوله على أنه أفعل تفضيل ويجوز في أحسن الرفع على أنه خبر لا والاسم محذوف أي لا شيء أحسن من هذا ووقع في رواية الكشميهني بضم أوله وكسر السين وضم النون ووقع في رواية أخرى لأحسن بحذف الألف لكن بفتح السين وضم النون على أنها لام القسم كأنه قال أحسن من هذا أن تقعد في بيتك حكاه عياض عن أبي على واستحسنه وحكى بن الجوزي تشديد السين المهملة بغير نون من الحس أي لا أعلم منه شيئا قوله يتثاورون بمثلثة أي يتواثبون أي قاربوا أن يثب بعضهم على بعض فيقتتلوا يقال ثار إذا قام بسرعة وانزعاج قوله حتى سكنوا بالنون كذا للأكثر وعند الكشميهني بالمثناة ووقع في حديث أنس أنه نزل في ذلك وأن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية وقد قدمت ما فيه من الإشكال وجوابه عند شرح حديث أنس في كتاب الصلح قوله أيا سعد في رواية مسلم أي سعد قوله أبو حباب بضم المهملة وبموحدتين الأولى خفيفة وهي كنية عبد الله بن أبي وكناه النبي صلى الله عليه وسلّم في تلك الحالة لكونه كان مشهورا بها أو لمصلحة التألف قوله ولقد اصطلح بثبوت الواو للأكثر وبحذفها لبعضهم قوله أهل هذه البحرة في رواية الحموي البحيرة بالتصغير وهذا اللفظ يطلق على القرية وعلى البلد والمراد به هنا المدينة النبويه ونقل ياقوت أن البحرة من أسماء المدينة النبوية قوله على أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة يعني يرئسوه عليهم ويسودوه وسمي الرئيس معصبا لما يعصب برأسه من الأمور أو لأنهم يعصبون رؤوسهم بعصابة لا تنبغي لغيرهم يمتازون بها ووقع في غير البخاري فيعصبونه والتقدير فهم يعصبونه أو فإذا هم يعصبونه وعند بن إسحاق لقد جاءنا الله بك وإنا لننظم له الخرز لنتوجه فهذا تفسير المراد وهو أولى مما تقدم قوله شرق بذلك بفتح المعجمة وكسر الراء أي غص به وهو كناية عن الحسد يقال غص بالطعام وشجى بالعظم وشرق بالماء إذا اعترض شيء من ذلك في الحلق فمنعه الإساغة قوله وكان النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب هذا حديث آخر أفرده بن أبي حاتم في التفسير عن الذي قبله وأن كان الإسناد متحدا وقد أخرج مسلم الحديث الذي قبله مقتصرا عليه ولم يخرج شيئا من هذا الحديث الآخر قوله وقال الله ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم إلى آخر الآية ساق في رواية أبي نعيم في المستخرج من وجه آخر عن أبي اليمان بالإسناد المذكور الآية وبما بعد ما ساقه المصنف منها تتبين المناسبة وهو قوله تعالى فاعفوا واصفحوا قوله حتى أذن الله فيهم أي في قتالهم أي فترك العفو عنهم وليس المراد أنه تركه أصلا بل بالنسبة إلى ترك القتال أولا ووقوعه آخرا وإلا فعفوه صلى الله عليه وسلّم عن كثير من المشركين واليهود