إنما تبرأ منه يوم القيامة لما يئس منه حين مسخ على ما صرح به في رواية بن المنذر التي أشرت إليها وهذا الذي أخرجه الطبري أيضا من طريق عبد الملك بن أبي سليمان سمعت سعيد بن جبير يقول إن إبراهيم يقول يوم القيامة رب والدي رب والدي فإذا كان الثالثة أخذ بيده فيلتفت إليه وهو ضبعان فيتبرأ منه ومن طريق عبيد بن عمير قال يقول إبراهيم لأبيه إني كنت آمرك في الدنيا وتعصيني ولست تاركك اليوم فخذ بحقوى فيأخذ بضبعيه فيمسخ ضبعا فإذا رآه إبراهيم مسخ تبرأ منه ويمكن الجمع بين القولين بأنه تبرأ منه لما مات مشركا فترك الاستغفار له لكن لما رآه يوم القيامة أدركته الرأفة والرقة فسأل فيه فلما رآه مسخ يئس منه حينئذ فتبرأ منه تبرءا أبديا وقيل إن إبراهيم لم يتيقن موته على الكفر بجواز أن يكون آمن في نفسه ولم يطلع إبراهيم على ذلك وتكون تبرئته منه حينئذ بعد الحال التي وقعت في هذا الحديث قال الكرماني فإن قلت إذا أدخل الله أباه النار فقد أخزاه لقوله إنك من تدخل النار فقد اخزيته وخزى الوالد خزي الولد فيلزم الخلف في الوعد وهو محال ولو لم يدخل النار لزم الخلف في الوعيد وهو المراد بقوله إن الله حرم الجنة على الكافرين والجواب أنه إذا مسخ في صورة ضبع وألقى في النار لم تبق الصورة التي هي سبب الخزي فهو عمل بالوعد والوعيد وجواب آخر وهو أن الوعد كان مشروطا بالإيمان وإنما استغفر له وفاء بما وعده فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه قلت وما قدمته يؤدي المعنى المراد مع السلامة مما في اللفظ من الشناعة والله أعلم