المراد تخفيف العذاب عنه كما جاء مبينا في حديث آخر قلت وهي غفلة شديده منه فإن الشفاعة لأبي طالب في تخفيف العذاب لم ترد وطلبها لم ينه عنه وإنما وقع النهي عن طلب المغفرة العامة وإنما ساغ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم اقتداء بإبراهيم في ذلك ثم ورد نسخ ذلك كما سيأتي بيانه واضحا قوله فأنزل الله ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين أي ما ينبغي لهم ذلك وهو خبر بمعنى النهي هكذا وقع في هذه الرواية وروى الطبري من طريق شبل عن عمرو بن دينار قال قال النبي صلى الله عليه وسلّم استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فلا أزال أستغفر لأبي طالب حتى ينهاني عنه ربي فقال أصحابه لنستغفرن لآبائنا كما استغفر نبينا لعمه فنزلت وهذا فيه إشكال لأن وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقا وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلّم أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية والأصل عدم تكرر النزول وقد أخرج الحاكم وبن أبي حاتم من طريق أيوب بن هانئ عن مسروق عن بن مسعود قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوما إلى المقابر فاتبعناه فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فبكينا لبكائه فقال إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي واستأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فانزل علي ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين وأخرج أحمد من حديث بن بريدة عن أبيه نحوه وفيه نزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ولم يذكر نزول الآية وفي رواية الطبري من هذا الوجه لما قدم مكة أتى رسم قبر ومن طريق فضيل بن مرزوق عن عطية لما قدم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها فنزلت وللطبراني من طريق عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن بن عباس نحو حديث بن مسعود وفيه لما هبط من ثنية عسفان وفيه نزول الآية في ذلك فهذه طرق يعضد بعضها بعضا وفيها دلالة على تأخير نزول الآية عن وفاة أبي طالب ويؤيده أيضا أنه صلى الله عليه وسلّم قال يوم أحد بعد أن شج وجهه رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون لكن يحتمل في هذا أن يكون الاستغفار خاصا بالإحياء وليس البحث فيه ويحتمل أن يكون نزول الآية تأخر وإن كان سببها تقدم ويكون لنزولها سببان متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة ويؤيد تأخير النزول ما تقدم في تفسير براءة من استغفاره صلى الله عليه وسلّم للمنافقين حتى نزل النهي عن ذلك فإن ذلك يقتضي تأخير النزول وإن تقدم السبب ويشير إلى ذلك أيضا قوله في حديث الباب وأنزل الله في أبي طالب إنك لا تهدي من أحببت لأنه يشعر بأن الآية الأولى نزلت في أبي طالب وفي غيره والثانية نزلت فيه وحده ويؤيد تعدد السبب ما أخرج أحمد من طريق أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي قال سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فأنزل الله ما كان للنبي الآية وروى الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال وقال المؤمنون ألا نستغفر لآبائنا كما استغفر إبراهيم لأبيه فنزلت ومن طريق قتادة قال ذكرنا له أن رجالا فذكر نحوه وفي الحديث أن من لم يعمل خيرا قط إذا ختم عمره بشهادة أن لا إله إلا الله حكم بإسلامه وأجريت عليه أحكام المسلمين فإن قارن نطق لسانه عقد قلبه نفعه ذلك عند الله تعالى بشرط أن لا يكون وصل إلى حد انقطاع الأمل من الحياة وعجز عن فهم الخطاب ورد الجواب وهو وقت المعاينة وإليه الإشارة بقوله تعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن والله أعلم قوله العدوان والعداء والتعدي واحد أي بمعنى واحد وأراد تفسير قوله في قصة موسى وشعيب فلا عدوان على والعداء بفتح العين ممدود قال أبو عبيدة في قوله فلا عدوان على وهو والعداء والتعدي والعدو كله واحد والعدو