بضرب من التأويل يعذر صاحبه فيه فمعنى فليس مني أي على طريقتي ولا يلزم أن يخرج عن الملة وأن كان اعراضا وتنطعا يفضي إلى اعتقاد ارجحية عمله فمعنى فليس مني ليس على ملتي لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر وفي الحديث دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه وفيه تتبع أحوال الأكابر للتاسي بافعالهم وأنه إذا تعذرت معرفته من الرجال جاز استكشافه من النساء وأن من عزم على عمل بر واحتاج إلى اظهاره حيث يأمن الرياء لم يكن ذلك ممنوعا وفيه تقديم الحمد والثناء على الله عند الفاء مسائل العلم وبيان الأحكام للمكلفين وإزالة الشبهة عن المجتهدين وأن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة والاستحباب وقال الطبري فيه الرد على من منع استعمال الحلال من الأطعمة والملابس وآثر غليظ الثياب وخشن المأكل قال عياض هذا مما اختلف فيه السلف فمنهم من نجا إلى ما قال الطبري ومنهم من عكس واحتج بقوله تعالى أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا قال والحق أن هذه الآية في الكفار وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلّم بالأمرين قلت لا يدل ذلك لأحد الفريقين أن كان المراد المداومة على إحدى الصفتين والحق أن ملازمة استعمال الطيبات تفضي إلى الترفه والبطر ولا يأمن من الوقوع في الشبهات لأن من اعتاد ذلك قد لا يجده أحيانا فلا يستطيع الانتقال عنه فيقع في المحظور كما أن منع تناول ذلك أحيانا يفضي الىالتنطع المنهي عنه ويرد عليه صريح قوله تعالى قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق كما أن الأخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع لاصلها وملازمة الاقتصار على الفرائض مثلا وترك التنفل يفضي إلى إيثار البطالة وعدم النشاط إلى العبادة وخير الأمور الوسط وفي قوله إني لاخشاكم لله مع ما انضم إليه إشارة إلى ذلك وفيه أيضا إشارة إلى أن العلم بالله ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدرا من مجرد العبادة البدنية والله أعلم الحديث الثاني .
4777 - قوله حدثنا على سمع حسان بن إبراهيم لم أر عليا هذا منسوبا في شيء من الروايات ولا نبه عليه أبو علي الغساني ولا نسبة أبو نعيم كعادته لكن جزم المزي تبعا لأبي مسعود بأنه علي بن المديني وكأن الحامل على ذلك شهرة علي بن المديني في شيوخ البخاري فإذا أطلق اسمه كان الحمل عليه أولي من غيره وإلا فقد روى عن حسان ممن يسمى عليا على بن حجر وهو من شيوخ البخاري أيضا وكان حسان المذكور قاضي كرمان ووثقه بن معين وغيره ولكن له افراد قال بن عدي هو من أهل الصدق الا أنه ربما غلط قلت ولم أر له في البخاري شيئا انفرد به وقد أدركه بالسن الا أنه لم يلقه لأنه مات سنة ست ومائتين قبل أن يرتحل البخاري وقد تقدم شرح الحديث المذكور فيه مستوفى في تفسير سورة النساء