عرس فليجب وأخرجه مسلم وأبو داود من طريق أيوب عن نافع بلفظ إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه ولمسلم من طريق الزبيدي عن نافع بلفظ من دعي إلى عرس أو نحوه فليجب وهذا يؤيد ما فهمه بن عمر وأن الأمر بالإجابة لا يختص بطعام العرس وقد أخذ بظاهر الحديث بعض الشافعية فقال بوجوب الإجابة إلى الدعوة مطلقا عرسا كان أو غيره بشرطه ونقله بن عبد البر عن عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة وزعم بن حزم أنه قول جمهور الصحابة والتابعين ويعكر عليه ما نقلناه عن عثمان بن أبي العاص وهو من مشاهير الصحابة أنه قال في وليمة الختان لم يكن يدعى لها لكن يمكن الانفصال عنه بأن ذلك لا يمنع القول بالوجوب لو دعوا وعند عبد الرزاق بإسناد صحيح عن بن عمر أنه دعا بالطعام فقال رجل من القوم اعفني فقال بن عمر أنه لا عافية لك من هذا فقم وأخرج الشافعي وعبد الرزاق بسند صحيح عن بن عباس أن بن صفوان دعاه فقال إني مشغول وأن لم تعفني جئته وجزم بعدم الوجوب في غير وليمة النكاح المالكية والحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية وبالغ السرخسي منهم فنقل فيه الإجماع ولفظ الشافعي آتيان دعوة الوليمة حق والوليمة التي تعرف وليمة العرس وكل دعوة دعي إليها رجل وليمة فلا أرخص لأحد في تركها ولو تركها لم يتبين لي أنه عاص في تركها كما تبين لي في وليمة العرس قوله في العرس وغير العرس وهو صائم في رواية مسلم عن هارون بن عبد الله عن حجاج بن محمد ويأتيها وهو صائم ولأبي عوانة من وجه آخر عن نافع وكان بن عمر يجيب صائما ومفطرا ووقع عند أبي داود من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع في آخر الحديث المرفوع فإن كان مفطرا فليطعم وأن كان صائما فليدع ولمسلم من حديث أبي هريرة فإن كان صائما فليصل ووقع في رواية هشام بن حسان في آخره والصلاة الدعاء وهو من تفسير هشام راويه ويؤيده الرواية الأخرى وحمله بعض الشراح على ظاهره فقال أن كان صائما فليشتغل بالصلاة ليحصل له فضلها ويحصل لأهل المنزل والحاضرين بركتها وفيه نظر لعموم قوله لا صلاة بحضرة طعام لكن يمكن تخصيصه بغير الصائم وقد تقدم في باب حق إجابة الوليمة أن أبي بن كعب لما حضر الوليمة وهو صائم أثنى ودعا وعند أبي عوانة من طريق عمر بن محمد عن نافع كان بن عمر إذا دعي أجاب فان كان مفطرا أكل وأن كان صائما دعا لهم وبرك ثم انصرف وفي الحضور فوائد أخرى كالتبرك بالمدعو والتجمل به والانتفاع بإشارته والصيانة عما لا يحصل له الصيانة لو لم يحضر وفي الاخلال بالإجابة تفويت ذلك ولا يخفى ما يقع للداعي من ذلك من التشويش وعرف من قوله فليدع لهم حصول المقصود من الإجابة بذلك وأن المدعو لا يجب عليه الأكل وهل يستحب له أن يفطر أن كان صومه تطوعا قال أكثر الشافعية وبعض الحنابلة أن كان يشق على صاحب الدعوة صومه فالافضل الفطر وإلا فالصوم وأطلق الروياني وبن الفراء استحباب الفطر وهذا على رأي من يجوز الخروج من صوم النفل وأما من يوجبه فلا يجوز عنده الفطر كما في صوم الفرض ويبعد إطلاق استحباب الفطر مع وجود الخلاف ولا سيما أن كان وقت الإفطار قد قرب ويؤخذ من فعل بن عمر أن الصوم ليس عذرا في ترك الإجابة ولا سيما مع ورود الأمر للصائم بالحضور والدعاء نعم لو اعتذر به المدعو فقبل الداعي عذره لكونه يشق عليه أن لا يأكل إذا حضر أو لغير ذلك كان ذلك عذرا له في التأخر ووقع في حديث جابر عند مسلم إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن شاء طعم وأن شاء ترك فيؤخذ منه أن المفطر ولو حضر لا يجب عليه الأكل وهو أصح الوجهين