علل بأن ذلك يؤذيه وأذيته حرام بالاتفاق ومعنى قوله لا أحرم حلالا أي هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة وأما الجمع بينهما الذي يستلزم تأذي النبي صلى الله عليه وسلّم لتأذي فاطمة به فلا وزعم غيره أن السياق يشعر بأن ذلك مباح لعلي لكنه منعه النبي صلى الله عليه وسلّم رعاية لخاطر فاطمة وقبل هو ذلك امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلّم والذي يظهر لي أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي صلى الله عليه وسلّم أن لا يتزوج على بناته ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بفاطمة عليها السلام قوله فإنما هي بضعة مني بفتح الموحدة وسكون الضاد المعجمة أي قطعة ووقع في حديث سويد بن غفلة كما تقدم مضغة بضم الميم وبغين معجمة والسبب فيه ما تقدم في المناقب أنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة قوله يريبني ما ارا بها كذا هنا من أراب رباعيا وفي رواية مسلم ما رابها من راب ثلاثيا وزاد في رواية الزهري وأنا أتخوف أن تفتن في دينها يعني أنها لا تصبر على الغيرة فيقع منها في حق زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين وفي رواية شعيب وأنا أكره أن يسوءها أي تزويج غيرها عليها وفي رواية مسلم من هذا الوجه أن يفتنوها وهي بمعنى أن تفتن قوله ويؤذيني ما آذاها في رواية أبي حنظلة فمن آذاها فقد آذاني وفي حديث عبد الله بن الزبير يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها وهو بنون ومهملة وموحدة من النصب بفتحتين وهو التعب وفي رواية عبيد الله بن أبي رافع عن المسور يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها أخرجها الحاكم ويؤخذ من هذا الحديث أن فاطمة لو رضيت بذلك لم يمنع علي من التزويج بها أو بغيرها وفي الحديث تحريم أذى من يتأذى النبي صلى الله عليه وسلّم بتأذيه لأن أذى النبي صلى الله عليه وسلّم حرام اتفاقا قليله وكثيره وقد جزم بأنه يؤذيه ما يؤذي فاطمة فكل من وقع منه في حق فاطمة شيء فتأذت به فهو يؤذي النبي صلى الله عليه وسلّم بشهادة هذا الخبر الصحيح ولا شيء أعظم في إدخال الأذى عليها من قتل ولدها ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا ولعذاب الآخرة أشد وفيه حجة لمن يقول بسد الذريعة لأن تزويج ما زاد على الواحدة حلال للرجال ما لم يجاوز الأربع ومع ذلك فقد منع من ذلك في الحال لما يترتب عليه من الضرر في المآل وفيه بقاء عار الآباء في أعقابهم لقوله بنت عدو الله فإن فيه أشعارا بأن للوصف تأثيرا في المنع مع أنها هي كانت مسلمة حسنة الإسلام وقد احتج به من منع كفاءة من مس أباه الرق ثم أعتق بمن لم يمس أباها الرق ومن مسه الرق بمن لم يمسها هي بل مس أباها فقط وفيه أن الغيراء إذا خشي عليها أن تفتن في دينها كان لوليها أن يسعى في إزالة ذلك كما في حكم الناشز كذا قيل وفيه نظر ويمكن أن يزاد فيه شرط أن لا يكون عندها من تتسلى به ويخفف عنها الحملة كما تقدم ومن هنا يؤخذ جواب من استشكل اختصاص فاطمة بذلك مع أن الغيرة على النبي صلى الله عليه وسلّم أقرب إلى خشية الافتتان في الدين ومع ذلك فكان صلى الله عليه وسلّم يستكثر من الزوجات وتوجد منهن الغيرة كما في هذه الأحاديث ومع ذلك ما راعي ذلك صلى الله عليه وسلّم في حقهن كما راعاه في حق فاطمة ومحصل الجواب أن فاطمة كانت إذ ذاك كما تقدم فاقدة من تركن إليه من يؤنسها ويزيل وحشتها من أم أو أخت بخلاف أمهات المؤمنين فإن كل واحدة منهن كانت ترجع إلى من يحصل لها معه ذلك وزيادة عليه وهو زوجهن صلى الله عليه وسلّم لما كان عنده من الملاطفة وتطييب القلوب وجبر الخواطر بحيث أن كل واحدة منهن ترضى منه لحسن خلقه وجميل خلقه بجميع ما يصدر منه بحيث لو وجد ما يخشى وجوده من الغيرة لزال عن قرب وقيل فيه حجة لمن منع الجمع بين الحرة والأمة ويؤخذ من الحديث إكرام من ينتسب إلى الخير أو