عن أبي حنيفة الجواز وعن أبي يوسف ومحمد المنع ووجه الجواز أن التحريم إنما كان لأجل الحيض فإذا طهرت زال موجب التحريم فجاز طلاقها في هذا الطهر كما يجوز في الطهر الذي بعده وكما يجوز طلاقها في الطهر أن لم يتقدم طلاق في الحيض وقد ذكرنا حجج المانعين ومنها أنه لو طلقها عقب تلك الحيضة كان قد راجعها ليطلقها وهذا عكس مقصود الرجعة فإنها شرعت لايواء المرأة ولهذا سماها امساكا فأمره أن يمسكها في ذلك الطهر وأن لا يطلق فيه حتى تحيض حيضة أخرى ثم تطهر لتكون الرجعة للامساك لا للطلاق ويؤيد ذلك أن الشارع أكد هذا المعنى حيث أمر بأن يمسكها في الطهر الذي يلي الحيض الذي طلقها فيه لقوله في رواية عبد الحميد بن جعفر مره أن يراجعها فإذا طهرت أمسكها حتى إذا طهرت أخرى فان شاء طلقها وأن شاء أمسكها فإذا كان قد أمره بان يمسكها في ذلك الطهر فكيف يبيح له أن يطلقها فيه وقد ثبت النهي عن الطلاق في طهر جامعها فيه قوله ثم أن شاء أمسك بعد وأن شاء طلق قبل أن يمس في رواية أيوب ثم يطلقها قبل أن يمسها وفي رواية عبيد الله بن عمر فإذا طهرت فليطلقها قبل أن يجامعها أو يمسكها ونحوه في رواية الليث وفي رواية الزهري عن سالم فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها وفي رواية محمد بن عبد الرحمن عن سالم ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا وتمسك بهذه الزيادة من استثنى من تحريم الطلاق في طهر جامع فيه ما إذا ظهر الحمل فإنه لا يحرم والحكمة فيه أنه إذا ظهر الحمل فقد أقدم على ذلك على بصيرة فلا يندم على الطلاق وأيضا فإن زمن الحمل زمن الرغبة في الوطء فاقدامه على الطلاق فيه يدل على رغبته عنها ومحل ذلك أن يكون الحمل من المطلق فلو كان من غيره بأن نكح حاملا من زنا ووطئها ثم طلقها أو وطئت منكوحة بشبهة ثم حملت منه فطلقها زوجها فان الطلاق يكون بدعيا لأن عدة الطلاق تقع بعد وضع الحمل والنقاء من النفاس فلا تشرع عقب الطلاق في العدة كما في الحامل منه قال الخطابي في قوله ثم أن شاء أمسك وأن شاء طلق دليل على أن من قال لزوجته وهي حائض إذا طهرت فأنت طالق لا يكون مطلقا للسنة لأن المطلق للسنة هو الذي يكون مخيرا عند وقوع طلاقه بين إيقاع الطلاق وتركه واستدل بقوله قبل أن يمس على أن الطلاق في طهر جامع فيه حرام وبه صرح الجمهور فلو طلق هل يجبر على الرجعة كما يجبر عليها إذا طلقها وهي حائض طرده بعض المالكية فيهما والمشهور عنهم إجباره في الحائض دون الطاهر وقالوا فيما إذا طلقها وهي حائض يجبر على الرجعة فإن امتنع أدبه الحاكم فإن أصر ارتجع الحاكم عليه وهل يجوز له وطؤها بذلك روايتان لهم أصحهما الجواز وعن داود يجبر على الرجعة إذا طلقها حائضا ولا يجبر إذا طلقها نفساء وهو جمود ووقع في رواية مسلم من طريق محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم عن بن عمر ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا وفي روايته من طريق بن أخي الزهري عن الزهري فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضها واختلف الفقهاء في المراد بقوله طاهرا هل المراد به انقطاع الدم أو التطهر بالغسل على قولين وهما روايتان عن أحمد والراجح الثاني لما أخرجه النسائي من طريق معتمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن نافع في هذه القصة قال مر عبد الله فليراجعها فإذا اغتسلت من حيضتها الأخرى فلا يمسها حتى يطلقها وأن شاء أن يمسكها فليمسكها وهذا مفسر لقوله فإذا طهرت فليحمل عليه ويتفرع من هذا أن العدة هل تنقضي بانقطاع الدم وترتفع الرجعة أو لا بد من الاغتسال فيه خلاف أيضا والحاصل أن الأحكام المرتبة على الحيض نوعان الأول يزول بانقطاع الدم كصحة الغسل والصوم وترتب الصلاة في الذمة