أنها شرعت في قصتها وما يظهر فيها مما سوى ذلك فكان قد علم من غير قصتها وهذا أولي من قول من قال ليس في كلام عائشة حصر ومفهوم العدد ليس بحجة وما أشبه ذلك من الاعتذارات التي لا تدفع سؤال ما الحكمة في الاقتصار على ذلك قوله أنها أعتقت فخيرت زاد في رواية إسماعيل بن جعفر في أن تقر تحت زوجها أو تفارقه وتقر بفتح وتشديد الراء أي تدوم وتقدم في العتق من طريق الأسود عن عائشة فدعاها النبي صلى الله عليه وسلّم فخيرها من زوجها فاختارت نفسها وفي رواية للدارقطني من طريق أبان بن صالح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال لبريرة اذهبي فقد عتق معك بضعك زاد بن سعد من طريق الشعبي مرسلا فاختاري ويأتي تمام ذلك في شرح الباب الذي بعد هذا ببابين قوله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم الولاء لمن أعتق هذه السنة الثانية وقد تقدم بيان سببها مستوفى في العتق والشروط وفي رواية نافع عن بن عمر الماضية وكذا في هذه طرق عن عائشة إنما الولاء لمن أعتق ويستفاد منه أن كلمة إنما تفيد الحصر وإلا لما لزم من اثبات الولاء للمعتق نفيه عن غيره وهو الذي أريد من الخبر ويؤخذ منه أنه لا ولاء للإنسان على أحد بغير العتق فينتفي من أسلم على يده أحد وسيأتي البحث فيه في الفرائض وأنه لا ولاء للملتقط خلافا لإسحاق ولا لمن حالف إنسانا خلافا لطائفة من السلف وبه قال أبو حنيفة ويؤخذ من عمومه أن الحربي لو أعتق عبدا ثم اسلما أنه يستمر ولاؤه له وبه قال الشافعي وقال بن عبد البر أنه قياس قول مالك ووافق على ذلك أبو يوسف وخالف أصحابه فإنهم قالوا للعتيق في هذه الصورة أن يتولى من يشاء قوله ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم زاد في رواية إسماعيل بن جعفر بيت عائشة قوله والبرمة تفور بلحم فقرب إليه خبز وآدم في رواية إسماعيل بن جعفر فدعا بالغداء فأتى بخبز قوله ألم أر البرمة فيها لحم قالوا بلى ولكن ذاك لحم تصدق به على بريرة وأنت لا تأكل الصدقة وقع في رواية الأسود عن عائشة في الزكاة وأتى النبي صلى الله عليه وسلّم بلحم فقالوا هذا ما تصدق به على بريرة وكذا في حديث أنس في الهبة ويجمع بينهما بأنه لما سأل عنه أتى به وقيل له ذلك ووقع في رواية عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة في كتاب الهبة فأهدى لها لحم فقيل هذا تصدق به على بريرة فإن كان الضمير لبريرة فكأنه أطلق على الصدقة عليها هدية لها وأن كان لعائشة فلأن بريرة لما تصدقوا عليها باللحم أهدت منه لعائشة ويؤيده ما وقع في رواية أسامة بن زيد عن القاسم عند أحمد وبن ماجة ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلّم والمرجل يفور بلحم فقال من أين لك هذا قلت أهدته لنا بريرة وتصدق به عليها وعند أحمد ومسلم من طريق أبي معاوية عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة وكان الناس يتصدقون عليها فتهدي لنا وقد تقدم في الزكاة ما يتعلق بهذا المعنى واللحم المذكور وقع في بعض الشروح أنه كان لحم بقر وفيه نظر بل جاء عن عائشة تصدق على مولاتي بشاة من الصدقة فهو أولي أن يؤخذ به ووقع بعد قوله هو عليها صدقة ولنا هدية من رواية أبي معاوية المذكورة فكلوه وسأذكر فوائده بعد بابين أن شاء الله تعالى