المرأة منه شيء وضرب الله مثلا رجلين أحدهما ابكم الآية كذا لأبي ذر ولغيره بعد قوله ابكم إلى قوله صراط مستقيم قال بن بطال ما ملخصه اختلف السلف في المراد بقوله وعلى الوارث مثل ذلك فقال بن عباس عليه أن لا يضار وبه قال الشعبي ومجاهد والجمهور قالوا ولا غرم على أحد من الورثة ولا يلزمه نفقة ولد الموروث وقال آخرون على من يرث الأب مثل ما كان على الأب من أجر الرضاع إذا كان الولد لا مال له ثم اختلفوا في المراد بالوارث فقال الحسن والنخعي هو كل من يرث الأب من الرجال والنساء وهو قول أحمد وإسحاق وقال أبو حنيفة وأصحابه هو من كان ذا رحم محرم للمولود دون غيره وقال قبيصة بن ذؤيب هو المولود نفسه وقال زيد بن ثابت إذا خلف أما وعما فعلى كل منهما ارضاع الولد بقدر ما يرث وبه قال الثوري قال بن بطال وإلى هذا القول أشار البخاري بقوله وعلى وهل على المرأة منه شيء ثم أشار إلى رده بقوله تعالى وضرب الله مثلا رجلين أحدهما ابكم فنزل المرأة من الوارث منزلة الا بكم من المتكلم اه وقد أخرج الطبري هذه الأقوال عن قائلها وسبب الاختلاف حمل المثلية في قوله مثل ذلك على جميع ما تقدم أو على بعضه والذي تقدم الارضاع والإنفاق والكسوة وعدم الاضرار قال بن العربي قالت طائفة لا يرجع إلى الجميع بل إلى الأخير وهذا هو الأصل فمن ادعى أنه يرجع إلى الجميع فعليه الدليل لأن الإشارة بالافراد وأقرب مذكور هو عدم الاضرار فرجح الحمل عليه ثم أورد حديث أم سلمة في سؤالها هل لها أجر في الإنفاق على أولادها من أبي سلمة ولم يكن لهم مال فأخبرها أن لها أجرا فدل عن أن نفقة بنيها لا تجب عليها إذ لو وجبت عليها لبين لها النبي صلى الله عليه وسلّم ذلك وكذا قصة هند بنت عتبة فإنه إذن لها في أخذ نفقة بنيها من مال الأب فدل على أنها تجب عليه دونها فأراد البخاري أنه لما لم يلزم الأمهات نفقة الأولاد في حياة الآباء فالحكم بذلك مستمر بعد الآباء ويقويه قوله تعالى وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن أي رزق الأمهات وكسوتهن من أجل الرضاع للابناء فكيف فيجب لهن في أول الآية وتجب عليهن نفقة الأبناء في آخرها وأما قول قبيصة فيرده أن الوارث لفظ يشمل الولد وغيره فلا يخص به وارث دون آخر الا بحجة ولو كان الولد هو المراد لقيل وعلى المولود وأما قول الحنفية فيلزم منه أن النفقة تجب على الخال لابن أخته ولا تجب على العم لابن أخيه وهو تفصيل لا دلالة عليه من الكتاب ولا السنة ولا القياس قاله إسماعيل القاضي وأما قول الحسن ومن تابعه فتعقب بقوله تعالى وأن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن ارضعن لكم فآتوهن اجورهن فلما وجب على الأب الإنفاق على من يرضع ولده ليغذى ويربى فكذلك يجب عليه إذا فطم فيغذيه بالطعام كما كان يغذيه بالرضاع ما دام صغيرا ولو وجب مثل ذلك على الوارث لوجب إذا مات عن الحامل أنه يلزم العصبة بالإنفاق عليها لأجل ما في بطنها وكذا يلزم الحنفية الزام كل ذي رحم محرم وقال بن المنير إنما قصر البخاري الرد على من زعم أن الأم يجب عليها نفقة ولدها وارضاعه بعد أبيه لدخولها في الوارث فبين أن الأم كانت كلا على الأب واجبة النفقة عليه ومن هو كل بالأصالة لا يقدر على شيء غالبا كيف يتوجه عليه أن ينفق على غيره وحديث أم سلمة صريح في أن انفاقها على أولادها كان على سبيل الفضل والتطوع فدل على أن لا وجوب عليها وأما قصة هند فظاهرة في سقوط النفقة عنها في حياة الأب فيستصحب هذا الأصل بعد وفاة الأب وتعقب بأنه لا يلزم من السقوط عنها في حياة الأب السقوط عنها بعد فقده وإلا فقد القيام بمصالح الولد بفقده فيحتمل أن يكون مراد البخاري من الحديث الأول وهو حديث أم سلمة في انفاقها على أولادها الجزء الأول من الترجمة وهو أن وارث الأب كالام يلزمه نفقة المولود بعد موت الأب ومن الحديث الثاني الجزء الثاني وهو أنه ليس على المرأة شيء عند وجود الأب وليس فيه تعرض لما بعد الأب والله أعلم