مالك عند مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يأكل بثلاث أصابع فإذا فرغ لعقها فيحتمل أن يكون أطلق على الأصابع اليد ويحتمل وهو الأولى أن يكون المراد باليد الكف كلها فيشمل الحكم من أكل بكفه كلها أو بأصابعه فقط أو ببعضها وقال بن العربي في شرح الترمذي يدل على الأكل بالكف كلها أنه صلى الله عليه وسلّم كان يتعرق العظم وينهش اللحم ولا يمكن ذلك عادة الا بالكف كلها وقال شيخنا فيه نظر لأنه يمكن بالثلاث سلمنا لكن هو ممسك بكفه كلها لا أكل بها سلمنا لكن محل الضرورة لا يدل على عموم الأحوال ويؤخذ من حديث كعب بن مالك أن السنة الأكل بثلاث أصابع وأن كان الأكل بأكثر منها جائزا وقد أخرج سعيد بن منصور عن سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد أنه رأى بن عباس إذا أكل لعق أصابعه الثلاث قال عياض والأكل بأكثر منها من الشره وسوء الأدب وتكبير اللقمة ولأنه غير مضطر إلى ذلك لجمعه اللقمة وامساكها من جهاتها الثلاث فإن اضطر إلى ذلك لخفة الطعام وعدم تلفيفه بالثلاث فيدعمه بالرابعة أو الخامسة وقد أخرج سعيد بن منصور من مرسل بن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان إذا أكل أكل بخمس فيجمع بينه وبين حديث كعب باختلاف الحال قوله حتى يلعقها بفتح أوله من الثلاثي أي يلعقها هو أو يلعقها بضم أوله من الرباعي أي يلعقها غيره قال النووي المراد العاق غيره ممن لا يتقذر ذلك من زوجة وجارية وخادم وولد وكذا من كان في معناهم كتلميذ يعتقد البركة بلعقها وكذا لو العقها شاة ونحوها وقال البيهقي أن قوله أو شك من الراوي ثم قال فإن كانا جميعا محفوظين فإنما أراد أن يلعقها صغيرا أو من يعلم أنه لا يتقذر بها ويحتمل أن يكون أراد أن يلعق أصبعه فمه فيكون بمعنى يلعقها يعني فتكون أو للشك قال بن دقيق العيد جاءت علة هذا مبينة في بعض الروايات فإنه لا يدري في أي طعامه البركة وقد يعلل بان مسحها قبل ذلك فيه زيادة تلويث لما يمسح به مع الاستغناء عنه بالريق لكن إذا صح الحديث بالتعليل لم يعدل عنه قلت الحديث صحيح أخرجه مسلم في آخر حديث جابر ولفظه من حديث جابر إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما اصابها من أذى وليأكلها ولا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها فإنه لا يدري في أي طعامه البركة زاد فيه النسائي من هذا الوجه ولا يرفع الصحفة حتى يلعقها أو يلعقها ولأحمد من حديث بن عمر نحوه بسند صحيح وللطبراني من حديث أبي سعيد نحوه بلفظ فإنه لا يدري في أي طعامه يبارك له ولمسلم نحوه من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة أيضا والعلة المذكورة لا تمنع ما ذكره الشيخ فقد يكون للحكم علتان فأكثر والتنصيص على واحدة لا ينفي غيرها وقد ابدى عياض علة أخرى فقال إنما أمر بذلك لئلا يتهاون بقليل الطعام قال النووي معنى قوله في أي طعامه البركة أن الطعام الذي يحضر الإنسان فيه بركة لا يدري أن تلك البركة فيما أكل أو فيما بقي على أصابعه أو فيما بقي في أسفل القصعة أو في اللقمة الساقطة فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصيل البركة اه وقد وقع لمسلم في رواية أبي سفيان عن جابر في أول الحديث أن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان وله نحوه في حديث أنس وزاد وأمر بأن تسلت القصعة قال الخطابي السلت تتبع ما بقي فيها من الطعام قال النووي والمراد بالبركة ما تحصل به التغذية وتسلم عاقبته من الأذى ويقوى على الطاعة والعلم عند الله وفي الحديث رد على من كره لعق الأصابع استقذارا نعم يحصل ذلك لو فعله في اثناء الأكل لأنه يعيد أصابعه في الطعام وعليها أثر ريقه قال الخطابي عاب قوم أفسد