وبهذا الأخير جزم بن عبد البر فقال فيه أن ما ذبحه المسلم يؤكل ويحمل على أنه سمي لأن المسلم لا يظن به في كل شيء الا الخير حتى يتبين خلاف ذلك وعكس هذا الخطابي فقال فيه دليل على أن التسمية غير شرط على الذبيحة لأنها لو كانت شرطا لم تستبح الذبيحة بالأمر المشكوك فيه كما لو عرض الشك في نفس الذبح فلم يعلم هل وقعت الذكاة المعتبرة أو لا وهذا هو المتبادر من سياق الحديث حيث وقع الجواب فيه فسموا أنتم وكلوا كأنه قيل لهم لا تهتموا بذلك بل الذي يهمكم أنتم أن تذكروا اسم الله وتأكلوا وهذا من أسلوب الحكيم كما نبه عليه الطيبي ومما يدل على عدم الاشتراط قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم فأباح الأكل من ذبائحهم مع وجود الشك في إنهم سموا أم لا تكملة قال الغزالي في الاحياء في مراتب الشبهات المرتبة الأولى ما يتأكد الاستحباب في التورع عنه وهو ما يقوي فيه دليل المخالف فمنه التورع عن أكل متروك التسمية فإن الآية ظاهرة في الإيجاب والأخبار متواترة بالأمر بها ولكن لما صح قوله صلى الله عليه وسلّم المؤمن يذبح على اسم الله سمي أو لم يسم احتمل أن يكون عاما موجبا لصرف الآية والاخبار عن ظاهر الأمر واحتمل أن يخصص بالناسي ويبقى من عداه على الظاهر وهذا الاحتمال الثاني أولي والله أعلم قلت الحديث الذي اعتمد عليه وحكم بصحته بالغ النووي في إنكاره فقال هو مجمع على ضعفه قال وقد أخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة وقال منكر لا يحتج به وأخرج أبو داود في المراسيل عن الصلت أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله أو لم يذكر قلت الصلت يقال له السدوسي ذكره بن حبان في الثقات وهو مرسل جيد وحديث أبي هريرة فيه مروان بن سالم وهو متروك ولكن ثبت ذلك عن بن عباس كما تقدم في أول باب التسمية على الذبيحة واختلف في رفعه ووقفه فإذا انضم إلى المرسل المذكور قوي أما كونه يبلغ درجة الصحة فلا والله أعلم .
( قوله باب ذبائح أهل الكتاب وشحومها من أهل الحرب ) .
وغيرهم أشار إلى جواز ذلك وهو قول الجمهور وعن مالك وأحمد تحريم ما حرم الله على أهل الكتاب كالشحوم وقال بن القاسم لأن الذي اباحه الله طعامهم وليس الشحوم من طعامهم ولا يقصدونها عند الذكاة وتعقب بأن بن عباس فسر طعامهم بذبائحهم كما سيأتي آخر