وبين غيرها أن الأسقية يتخللها الهواء من مسامها فلا يسرع إليها الفساد مثل ما يسرع إلى غيرها من الجرار ونحوها مما نهى عن الانتباذ فيه وأيضا فالسقاء إذا نبذ فيه ثم ربط أمنت مفسدة الإسكار بما يشرب منه لأنه متى تغير وصار مسكرا شق الجلد فلما لم يشقه فهو غير مسكر بخلاف الأوعية لأنها قد تصير النبيذ فيها مسكرا ولا يعلم به وأما الرخصة في بعض الأوعية دون بعض فمن جهة المحافظة على صيانة المال لثبوت النهي عن إضاعته لأن التي نهى عنها يسرع التغير إلى ما ينبذ فيها بخلاف ما أذن فيه فإنه لا يسرع إليه التغير ولكن حديث بريدة ظاهر في تعميم الإذن في الجميع يفيد أن لا تشربوا المسكر فكأن الأمن حصل بالإشارة إلى ترك الشرب من الوعاء ابتداء حتى يختبر حاله هل تغير أو لا فإنه لا يتعين الاختبار بالشرب بل يقع بغير الشرب مثل أن يصير شديد الغليان أو يقذف بالزبد ونحو ذلك قوله فقالوا لا بد لنا في رواية زياد بن فياض أن قائل ذلك أعرابي الحديث الثالث .
5272 - قوله حدثني سليمان هو الأعمش وإبراهيم التيمي هو بن يزيد بن شريك قوله عن الدباء والمزفت زاد في رواية مالك بن عمير عن علي عند أبي داود والحنتم والنقير قوله حدثني عثمان هو بن أبي شيبة وجرير هو بن عبد الحميد قوله عن إبراهيم هو النخعي .
5273 - قلت للأسود هو بن يزيد النخعي وهو خال إبراهيم الراوي عنه قوله عم نهى النبي صلى الله عليه وسلّم أن ينتبذ فيه أي أخبرني عما نهى وعما أصلها عن ما فأدغمت ولا تشبع الميم غالبا ووقع في رواية الإسماعيلي ما نهى بحذف عن قوله أهل البيت بالفتح على الاختصاص أو على البدل من الضمير قوله أما ذكرت القائل هو إبراهيم وقوله قال أي الأسود وقوله أفنحدث كذا للأكثر بالنون وللكشميهني أفأحدث بالافراد وهو استفهام إنكار وفي رواية الإسماعيلي أفأحدثك ما لم أسمع وإنما استفهم إبراهيم عن الجر والحنتم لاشتهار الحديث بالنهي عن الانتباذ في الأربعة ولعل هذا هو السر في التقييد بأهل البيت فإن الدباء والمزفت كان عندهم متيسرا فلذلك خص نهيهم عنهما الحديث الخامس .
5274 - قوله حدثنا عبد الواحد هو بن زياد والشيباني هو أبو إسحاق سليمان بن فيروز ووقع في رواية الإسماعيلي حدثني سليمان الشيباني قوله عن الجر الأخضر في رواية الإسماعيلي عن نبيذ الجر الأخضر قوله قلت للقائل هو الشيباني قوله قال لا يعني أن حكمة حكم الأخضر فدل على أن الوصف بالخضرة لا مفهوم له وكأن الجرار الخضر حينئذ كانت شائعة بينهم فكان ذكر الأخضر لبيان الواقع لا للإحتراز وقال بن عبد البر هذا عندي كلام خرج على جواب سؤال كأنه قيل الجر الأخضر فقال لا تنبذوا فيه فسمعه الراوي فقال نهى عن الجر الأخضر وقد روى بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه نهى عن نبيذ الجر قال والجر كل ما يصنع من مدر قلت وقد أخرج الشافعي عن سفيان عن أبي إسحاق عن بن أبي أوفى نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض والأحمر فإن كان محفوظا ففي الأول اختصار والحديث الذي ذكره بن عبد البر أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما قال الخطابي لم يعلق الحكم في ذلك بالخضرة والبياض وإنما علق بالإسكار وذلك أن الجرار تسرع التغير لما ينبذ فيها فقد يتغير من قبل أن يشعر به فنهوا عنها ثم لما وقعت الرخصة أذن لهم في الانتباذ في الأوعية بشرط أن لا يشربوا مسكرا وقد أخرج بن أبي شيبة من وجه آخر عن بن أبي أوفى أنه كان يشرب نبيذ الجر الأخضر وأخرج أيضا بسند صحيح عن بن مسعود أنه كان ينبذ له في الجر الأخضر ومن طريق معقل بن يسار وجماعة من الصحابة نحوه وقد خص جماعة النهي عن الجر بالجرار الخضر كما رواه مسلم عن أبي