يحسم الداء فيتعجل الذي يكتوي التعذيب بالنار لأمر مظنون وقد لا يتفق أن يقع له ذلك المرض الذي يقطعه الكي ويؤخذ من الجمع بين كراهته صلى الله عليه وسلّم للكي وبين استعماله له أنه لا يترك مطلقا ولا يستعمل مطلقا بل يستعمل عند تعينه طريقا إلى الشفاء مع مصاحبة اعتقاد أن الشفاء بإذن الله تعالى وعلى هذا التفسير يحمل حديث المغيرة رفعه من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل أخرجه الترمذي والنسائي وصححه بن حبان والحاكم وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة علم من مجموع كلامه في الكي أن فيه نفعا وأن فيه مضرة فلما نهى عنه علم أن جانب المضرة فيه أغلب وقريب منه إخبار الله تعالى أن في الخمر منافع ثم حرمها لأن المضار التي فيها أعظم من المنافع انتهى ملخصا وسيأتي الكلام على كل من هذه الأمور الثلاثة في أبواب مفردة لها وقد قيل إن المراد بالشفاء في هذا الحديث الشفاء من أحد قسمى المرض لأن الأمراض كلها إما مادية أو غيرها والمادية كما تقدم حارة وباردة وكل منهما وأن انقسم إلى رطبة ويابسة ومركبة فالأصل الحرارة والبرودة وما عداهما ينفعل من إحداهما فنبه بالخبر على أصل المعالجة بضرب من المثال فالحارة تعالج بإخراج الدم لما فيه من استفراغ المادة وتبريد المزاج والباردة بتناول العسل لما فيه من التسخين والانضاج والتقطيع والتلطيف والجلاء والتليين فيحصل بذلك استفراغ المادة برفق وأما الكي فخاص بالمرض المزمن لأنه يكون عن مادة باردة فقد تفسد مزاج العضو فإذا كوي خرجت منه وأما الأمراض التي ليست بمادية فقد أشير إلى علاجها بحديث الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء وسيأتي الكلام عليه عند شرحه إن شاء الله تعالى وأما قوله وما أحب أن أكتوي فهو من جنس تركه أكل الضب مع تقريره أكله على مائدته واعتذاره بأنه يعافه