فذكر الحديث قوله مه قال الجوهري هي كلمة مبنية على السكون وهي اسم سمي به الفعل والمعنى اكفف يقال مهمهته إذا زجرته فإن وصلت نونت فقلت مه وقال الداودي أصل هذه الكلمة ما هذا كالانكار فطرحوا بعض اللفظة فقالوا مه فصيروا الكلمتين كلمة وهذا الزجر يحتمل أن يكون لعائشة والمراد نهيها عن مدح المرأة بما ذكرت ويحتمل أن يكون المراد النهي عن ذلك الفعل وقد أخذ بذلك جماعة من الأئمة فقالوا يكره صلاة جميع الليل كما سيأتي في مكانه قوله عليكم بما تطيقون أي اشتغلوا من الأعمال بما تستطيعون المداومة عليه فمنطوقه يقتضى الأمر بالاقتصار على ما يطاق من العبادة ومفهومه يقتضى النهي عن تكلف ما لا يطاق وقال القاضي عياض يحتمل أن يكون هذا خاصا بصلاة الليل ويحتمل أن يكون عاما في الأعمال الشرعية قلت سبب وروده خاص بالصلاة ولكن اللفظ عام وهو المعتبر وقد عبر بقوله عليكم مع أن المخاطب النساء طلبا لتعميم الحكم فغلبت الذكور على الإناث قوله فوالله فيه جواز الحلف من غير استحلاف وقد يستحب إذا كان في تفخيم أمر من أمور الدين أو حث عليه أو تنفير من محذور قوله لا يمل الله حتى تملوا هو بفتح الميم في الموضعين والملال استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته وهو محال على الله تعالى باتفاق قال الإسماعيلي وجماعة من المحققين إنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازا كما قال تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها وانظاره قال القرطبي وجه مجازه أنه تعالى لما كان يقطع ثوابه عمن يقطع العمل ملالا عبر عن ذلك بالملال من باب تسمية الشيء باسم سببه وقال الهروي معناه لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فتزهدوا في الرغبة إليه وقال غيره معناه لا يتناهى حقه عليكم في الطاعة حتى يتناهى جهدكم وهذا كله بناء على أن حتى على بابها في انتهاء الغاية وما يترتب عليها من المفهوم وجنح بعضهم إلى تأويلها فقيل معناه لا يمل الله إذا مللتم وهو مستعمل في كلام العرب يقولون لا أفعل كذا حتى يبيض القار أو حتى يشيب الغراب ومنه قولهم في البليغ لاينقطع حتى ينقطع خصومه لأنه لو انقطع حين ينقطعون لم يكن له عليهم مزية وهذا المثال أشبه من الذي قبله لأن شيب الغراب ليس ممكنا عادة بخلاف الملل من العابد وقال المازري قيل إن حتى هنا بمعنى الواو فيكون التقدير لا يمل وتملون فنفى عنه الملل وأثبته لهم قال وقيل حتى بمعنى حين والأول أليق وأجرى على القواعد وأنه من باب المقابلة اللفظية ويؤيده ما وقع في بعض طرق حديث عائشة بلفظ اكلفوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل لكن في سنده موسى بن عبيدة وهو ضعيف وقال بن حبان في صحيحه هذا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد مما يخاطب به الا بها وهذا رأيه في جميع المتشابه قوله أحب قال القاضي أبو بكر بن العربي معنى المحبة من الله تعلق الإرادة بالثواب أي أكثر الأعمال ثوابا أدومها قوله إليه في رواية المستملى وحده إلى الله وكذا في رواية عبدة عن هشام عند إسحاق بن راهويه في مسنده وكذا للمصنف ومسلم من طريق أبي سلمة ولمسلم عن القاسم كلاهما عن عائشة وهذا موافق لترجمة الباب وقال باقي الرواة عن هشام وكان أحب الدين إليه أي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم وصرح به المصنف في الرقاق في