بأنه خلاف ظاهر القرآن وقد قال الله تعالى إن الدين عند الله الإسلام والإسلام حيث أطلق مفردا دخل فيه الإيمان كما تقدم تقريره فإن قيل فلم أعاد في هذا الباب الآيتين المذكورتين فيه وقد تقدمتا في أول كتاب الإيمان فالجواب أنه أعادهما ليوطئ بهما معنى الكمال المذكور في الآية الثالثة لأن الاستدلال بهما نص في الزيادة وهو يستلزم النقص وأما الكمال فليس نصا في الزيادة بل هو مستلزم للنقص فقط واستلزامه للنقص يستدعي قبوله الزيادة ومن ثم قال المصنف فإذا ترك شيئا من الكمال فهو ناقص ولهذه النكتة عدل في التعبير للآية الثالثة عن أسلوب الآيتين حيث قال أولا وقول الله وقال ثانيا وقال وبهذا التقرير يندفع اعتراض من اعترض عليه بأن آية اكملت لكم لا دليل فيها على مراده لأن الإكمال إن كان بمعنى إظهار الحجة على المخالفين أو بمعنى إظهار أهل الدين على المشركين فلا حجة للمصنف فيه وإن كان بمعنى إكمال الفرائض لزم عليه أنه كان قبل ذلك ناقصا وأن من مات من الصحابة قبل نزول الآية كان إيمانه ناقصا وليس الأمر كذلك لأن الإيمان لم يزل تاما ويوضح دفع هذا الاعتراض جواب القاضي أبي بكر بن العربي بان النقص أمر نسبي لكن منه ما يترتب عليه الذم ومنه ما لا يترتب فالأول مانقصه بالاختيار كمن علم وظائف الدين ثم تركها عمدا والثاني مانقصه بغير اختيار كمن لم يعلم أو لم يكلف فهذا لا يذم بل يحمد من جهة أنه كان قلبه مطمئنا بأنه لو زيد لقبل ولو كلف لعمل وهذا شأن الصحابة الذين ماتوا قبل نزول الفرائض ومحصله أن النقص بالنسبة إليهم صورى نسبي ولهم فيه رتبة الكمال من حيث المعنى وهذا نظير قول من يقول إن شرع محمد أكمل من شرع موسى وعيسى لاشتماله من الأحكام على ما لم يقع في الكتب التي قبله ومع هذا فشرع موسى في زمانه كان كاملا وتجدد في شرع عيسى بعده ما تجدد فالأكملية أمر نسبي كما تقرر والله أعلم .
44 - قوله هشام هو بن أبي عبد الله الدستوائي يكنى أبا بكر وفي طبقته هشام بن حسان لكنه لم يرو هذا الحديث قوله يخرج بفتح أوله وضم الراء ويروي بالعكس ويؤيده قوله في الرواية الأخرى أخرجوا قوله من قال لا إله الا الله وفي قلبه فيه دليل على اشتراط النطق بالتوحيد أو المراد بالقول هنا القول النفسى فالمعنى من أقر بالتوحيد وصدق فالإقرار لا بد منه فلهذا أعاده في كل مرة والتفاوت يحصل في التصديق على الوجه المتقدم فإن قيل فكيف لم يذكر الرسالة فالجواب أن المراد المجموع وصار الجزء الأول علما عليه كما تقول قرأت قل هو الله أحد أي السورة كلها قوله برة بضم الموحدة وتشديد الراء المفتوحة وهي القمحة ومقتضاه أن وزن البرة دون وزن الشعيرة لأنه قدم الشعيرة وتلاها بالبرة ثم الذرة وكذلك هو في بعض البلاد فإن قيل أن السياق بالواو وهي لا ترتب فالجواب أن رواية مسلم من هذا الوجه بلفظ ثم وهي للترتيب قوله ذرة بفتح المعجمة وتشديد الراء المفتوحة وصحفها شعبة فيما رواه مسلم من طريق يزيد بن زريع عنه فقال ذرة بالضم وتخفيف الراء وكأن الحامل له على ذلك كونها من الحبوب فناسبت الشعيرة والبرة قال مسلم في روايته قال يزيد صحف فيها أبو بسطام يعني شعبة ومعنى الذرة قيل هي أقل الأشياء الموزونة وقيل هي الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الأبر وقيل هي النملة الصغيرة ويروى عن بن عباس أنه قال إذا وضعت كفك في التراب ثم نفضتها فالساقط هو الذر ويقال أن أربع ذرات وزن خردلة وللمصنف في أواخر التوحيد من طريق حميد عن أنس مرفوعا ادخل الجنة من كان في قلبه خردلة ثم من كان في قلبه أدنى شيء وهذا معنى الذرة قوله قال أبان هو بن يزيد العطار وهذا التعليق وصله الحاكم في كتاب الأربعين له من طريق أبي سلمة قال حدثنا أبان بن يزيد فذكر الحديث وفائدة إيراد