باب الخاتم في الخنصر إنا اتخذنا خاتما ونقشنا فيه نقشا فلا ينقش عليه أحد فلعل بعض من لم يبلغه النهي أو بعض من بلغه ممن لم يرسخ في قلبه الإيمان من منافق ونحوه اتخذوا ونقشوا فوقع ما وقع ويكون طرحه له غضبا ممن تشبه به في ذلك النقش وقد أشار إلى ذلك الكرماني مختصرا جدا والله أعلم وقول الزهري في روايته إنه رآه في يده يوما لا ينافي ذلك ولا يعارضه قوله في الباب الذي بعده في رواية حميد سئل أنس هل اتخذ النبي صلى الله عليه وسلّم خاتما قال أخر ليلة صلاة العشاء إلى أن قال فكأني أنظر إلى وبيص خاتمه فإنه يحمل على أنه رآه كذلك في تلك الليلة واستمر في يده بقية يومها ثم طرحه في آخر ذلك اليوم والله أعلم وأما ما أخرجه النسائي من طريق المغيرة بن زياد عن نافع عن بن عمر أتخذ النبي صلى الله عليه وسلّم خاتما من ذهب فلبسه ثلاثة أيام فيجمع بينه وبين حديث أنس بأحد أمرين إن قلنا أن قول الزهري في حديث أنس خاتم من ورق سهو وأن الصواب خاتم من ذهب فقوله يوما واحدا ظرف لرؤية أنس لا لمدة اللبس وقول بن عمر ثلاثة أيام ظرف لمدة اللبس وان قلنا أن لا وهم فيها وجمعنا بما تقدم فمدة لبس خاتم الذهب ثلاثة أيام كما في حديث بن عمر هذا ومدة لبس خاتم الورق الأول كانت يوما واحدا كما في حديث أنس ثم لما رمى الناس الخواتيم التي نقشوها على نقشه ثم عاد فلبس خاتم الفضة واستمر إلى أن مات قوله تابعه إبراهيم بن سعد وزياد وشعيب عن الزهري أما متابعة إبراهيم بن سعد وهو الزهري المدني فوصلها مسلم وأحمد وأبو داود من طريقه بمثل رواية يونس بن يزيد لا مخالفة إلا في بعض لفظ وأما متابعة زياد وهو بن سعد بن عبد الرحمن الخرساني نزيل مكة ثم اليمن فوصلها مسلم أيضا وأشار إليها أبو داود أيضا ولفظه عنه كذلك لكن قال اضطربوا واصطنعوا وأما متابعة شعيب فوصلها الإسماعيلي كذلك وأشار إليها أبو داود أيضا قوله وقال بن مسافر عن الزهري أرى خاتما من ورق هذا التعليق لم أره في أصل من رواية أبي ذر وهو ثابت للباقين إلا النسفي وقد أشار إليه أبو داود أيضا وصله الإسماعيلي من طريق سعيد بن عفير عن الليث عن بن مسافر وهو عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن بن شهاب عن أنس كذلك وليس فيه لفظ أرى فكأنها من البخاري قال الإسماعيلي رواه أيضا عن بن شهاب كذلك موسى بن عقبة وبن أبي عتيق ثم ساقه من طريق سليمان بن بلال عنهما قال مثل حديث إبراهيم بن سعد وفي حديثي الباب مبادرة الصحابة إلى الاقتداء بأفعاله صلى الله عليه وسلّم فمهما أقر عليه استمروا عليه ومهما أنكره امتنعوا منه وفي حديث بن عمر أنه صلى الله عليه وسلّم لا يورث وإلا لدفع خاتمه للورثة كذا قال النووي وفيه نظر لجواز أن يكون الخاتم اتخذ من مال المصالح فانتقل للإمام لينتفع به فيما صنع له وفيه حفظ الخاتم الذي يختم به تحت يد أمين إذا نزعه الكبير من إصبعه وفيه أن يسير المال إذا ضاع لا يهمل طلبه ولا سيما إذا كان من أثر أهل الخير وفيه بحث سيأتي وفيه أن العبث اليسير بالشيء حال التفكر لا عيب فيه