الشاة أو البعير أخرجه الطبري والبيهقي وأخرجا من طريق عبد الله بن أبي رافع قال رأيت أبا سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وبن عمر ورافع بن خديج وأبا أسيد الأنصاري وسلمة بن الأكوع وأبا رافع ينهكون شواربهم كالحلق لفظ الطبري وفي رواية البيهقي يقصون شواربهم مع طرف الشفة وأخرج الطبري من طرق عن عروة وسالم والقاسم وأبي سلمة أنهم كانوا يحلقون شواربهم وقد تقدم في أول الباب أثر بن عمر أنه كان يحفي شاربه حتى ينظر إلى بياض الجلد لكن كل ذلك محتمل لأن يراد استئصال جميع الشعر النابت على الشفة العليا ومحتمل لأن يراد استئصال ما يلاقي حمرة الشفة من أعلاها ولا يستوعب بقيتها نظرا إلى المعنى في مشروعية ذلك وهو مخالفة المجوس والأمن من التشويش على الآكل وبقاء زهومه المأكول فيه وكل ذلك يحصل بما ذكرنا وهو الذي يجمع مفترق الأخبار الواردة في ذلك وبذلك جزم الداودي في شرح أثر بن عمر المذكور وهو مقتضى تصرف البخاري لأنه أورد أثر بن عمر وأورد بعده حديثه وحديث أبي هريرة في قص الشارب فكأنه أشار إلى أن ذلك هو المراد من الحديث وعن الشعبي أنه كان يقص شاربه حتى يظهر حرف الشفة العلياء وما قاربه من أعلاه ويأخذ ما يزيد مما فوق ذلك وينزع ما قارب الشفة من جانبي الفم ولا يزيد على ذلك وهذا أعدل ما وقفت عليه من الآثار وقد أبدى بن العربي لتخفيف شعر الشارب معنى لطيفا فقال إن الماء النازل من الأنف يتلبد به الشعر لما فيه من اللزوجة ويعسر تنقيته عند غسله وهو بإزاء حاسة شريفة وهي الشم فشرع تخفيفه ليتم الجمال والمنفعة به قلت وذلك يحصل بتخفيفه ولا يستلزم احفافه وأن كان أبلغ وقد رجح الطحاوي الحلق على القص بتفضيله صلى الله عليه وسلّم الحلق على التقصير في النسك ووهى بن التين الحلق بقوله صلى الله عليه وسلّم ليس منا من حلق وكلاهما احتجاج بالخبر في غير ما ورد فيه ولا سيما الثاني ويؤخذ مما أشار إليه بن العربي مشروعية تنظيف داخل الأنف وأخذ شعره إذا طال والله أعلم وقد روى مالك عن زيد بن أسلم أن عمر كان إذا غضب فتل شاربه فدل على أنه كان يوفره وحكى بن دقيق العيد عن بعض الحنفية أنه قال لا بأس بابقاء الشوارب في الحرب إرهابا للعدو وزيفه فصل في فوائد تتعلق بهذا الحديث الأولى قال النووي يستحب أن يبدأ في قص الشارب باليمين الثانية يتخير بين أن يقص ذلك بنفسه أو يولي ذلك غيره لحصول المقصود من غير هتك مروءة بخلاف الإبط ولا ارتكاب حرمة بخلاف العانة قلت محل ذلك حيث لا ضرورة وأما من لا يحسن الحلق فقد يباح له إن لم تكن له زوجة تحسن الحلق أن يستعين بغيره بقدر الحاجة لكن محل هذا إذا لم يجد ما يتنور به فإنه يغني عن الحلق ويحصل به المقصود وكذا من لا يقوى على النتف ولا يتمكن من الحلق إذا استعان بغيره في الحلق لم تهتك المروءة من أجل الضرورة كما تقدم عن الشافعي وهذا لمن لم يقو على التنور من أجل أن النورة تؤذي الجلد الرقيق كجلد الإبط وقد يقال مثل ذلك في حلق العانة من جهة المغابن التي بين الفخذ والانثيين وأما الأخذ من الشارب فينبغي فيه التفصيل بين من يحسن أخذه بنفسه بحيث لا يتشوه وبين من لا يحسن فيستعين بغيره ويلتحق به من لا يجد مرآة ينظر وجهه فيها عند أخذه الثالثة قال النووي يتأدى أصل السنة بأخذ الشارب بالمقص وبغيره وتوقف بن دقيق العيد لا أعلم أحدا قال بوجوب قص الشارب من حيث هو هو واحترز بذلك من وجوبه بعارض حيث يتعين