وصححه بن حبان قال بن الأثير معناه لا يحصل الحلم حتى يرتكب الأمور ويعثر فيها فيعتبر بها ويستبين مواضع الخطأ ويجتنبها وقال غيره المعنى لا يكون حليما كاملا إلا من وقع في زلة وحصل منه خطأ فحينئذ يخجل فينبغي لمن كان كذلك أن يستر من رآه على عيب فيعفو عنه وكذلك من جرب الأمور علم نفعها وضررها فلا يفعل شيئا إلا عن حكمة قال الطيبي ويمكن أن يكون تخصيص الحليم بذي التجربة للإشارة إلى أن غير الحكيم بخلافه وأن الحليم الذي ليس له تجربة قد يعثر في مواضع لا ينبغي له فيها الحلم بخلاف الحليم المجرب وبهذا تظهر مناسبة أثر معاوية لحديث الباب والله تعالى أعلم .
5782 - قوله عن بن المسيب في رواية يونس عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد وكذا قال أصحاب الزهري فيه وخالفهم صالح بن أبي الأخضر وزمعة بن صالح وهما ضعيفان فقالا عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أخرجه بن عدي من طريق المعافى بن عمران عن زمعة وبن أبي الأخضر واستغربه من حديث المعافى قال وأما زمعة فقد رواه عنه أيضا أبو نعيم قلت أخرجه أحمد عنه ورواه عن زمعة أيضا أبو داود الطيالسي في مسنده وأبو أحمد الزبيري أخرجه بن ماجة قوله لا يلدغ هو بالرفع على صيغة الخبر قال الخطابي هذا لفظه خبر ومعناه أمر أي ليكن المؤمن حازما حذرا لا يؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى وقد يكون ذلك في أمر الدين كما يكون في أمر الدنيا وهو أولاهما بالحذر وقد روي بكسر الغين في الوصل فيتحقق معنى النهي عنه قال بن التين وكذلك قرأناه قيل معنى لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين أن من أذنب ذنبا فعوقب به في الدنيا لا يعاقب به في الآخرة قلت إن أراد قائل هذا أن عموم الخبر يتناول هذا فيمكن وإلا فسبب الحديث يأبى ذلك ويؤيده قول من قال فيه تحذير من التغفيل وإشارة إلى استعمال الفطنة وقال أبو عبيد معناه ولا ينبغي للمؤمن إذا نكب من وجه أن يعود إليه قلت وهذا هو الذي فهمه الأكثر ومنهم الزهري راوي الخبر فأخرج بن حبان من طريق سعيد بن عبد العزيز قال قيل للزهري لما قدم من عند هشام بن عبد الملك ماذا صنع بك قال أوفى عني ديني ثم قال يا بن شهاب تعود تدان قلت لا وذكر الحديث وقال أبو داود الطيالسي بعد تخريجه لا يعاقب في الدنيا بذنب فيعاقب به في الآخرة وحمله غيره على غير ذلك قيل المراد بالمؤمن في هذا الحديث الكامل الذي قد أوقفته معرفته على غوامض الأمور حتى صار يحذر مما سيقع وأما المؤمن المغفل فقد يلدغ مرارا قوله من جحر زاد في رواية الكشميهني والسرخسي واحد ووقع في بعض النسخ من جحر حية وهي زيادة شاذة قال بن بطال وفيه أدب شريف أدب به النبي صلى الله عليه وسلّم أمته ونبههم كيف يحذرون مما يخافون سوء عاقبته وفي معناه حديث المؤمن كيس حذر أخرجه صاحب مسند الفردوس من حديث أنس بسند ضعيف قال وهذا الكلام مما لم يسبق إليه النبي صلى الله عليه وسلّم وأول ما قاله لأبي عزة الجمحي وكان شاعرا فأسر ببدر فشكى عائلة وفقرا فمن عليه النبي صلى الله عليه وسلّم وأطلقه بغير فداء فظفر به بأحد فقال من علي وذكر فقره وعياله فقال لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين وأمر به فقتل وأخرج قصته بن إسحاق في المغازي بغير إسناد وقال بن هشام في تهذيب السيرة بلغني عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال حينئذ لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وصنيع أبي عبيد في كتاب الأمثال مشكل على قول بن بطال أن النبي صلى الله عليه وسلّم أول من قال ذلك ولذلك قال بن التين أنه مثل قديم وقال التوربشتي هذا السبب يضعف الوجه الثاني يعني الرواية بكسر الغين