بن بطال إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا والإرادة أي أن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائبا لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه لا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب وقال بن العربي قد بينا أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان لأنه واسطته وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى الملك لأنه واسطته قال والتثاؤب من الامتلاء وينشأ عنه التكاسل وذلك بواسطة الشيطان والعطاس من تقليل الغذاء وينشأ عنه النشاط وذلك بواسطة الملك وقال النووي أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه والمراد التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك وهو التوسع في المأكل قوله فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع أي يأخذ في أسباب رده وليس المراد به أنه يملك دفعه لأن الذي وقع لا يرد حقيقة وقيل معنى إذا تثاءب إذا أراد أن يتثاءب وجوز الكرماني أن يكون الماضي فيه بمعنى المضارع قوله فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان في رواية بن عجلان فإذا قال آه ضحك منه الشيطان وفي حديث أبي سعيد فإن الشيطان يدخل وفي لفظ له إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع فإن الشيطان يدخل هكذا قيده بحالة الصلاة وكذا أخرجه الترمذي من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ التثاؤب في الصلاة من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع وللترمذي والنسائي من طريق محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة نحوه ورواه بن ماجة من طريق عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه بلفظ إذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه ولا يعوى فإن الشيطان يضحك منه قال شيخنا في شرح الترمذي أكثر روايات الصحيحين فيها إطلاق التثاؤب ووقع في الرواية الأخرى تقييده بحالة الصلاة فيحتمل أن يحمل المطلق على المقيد وللشيطان غرض قوي في التشويش على المصلي في صلاته ويحتمل أن تكون كراهته في الصلاة أشد ولا يلزم من ذلك أن لا يكره في غير حالة الصلاة وقد قال بعضهم أن المطلق إنما يحمل على المقيد في الأمر لا في النهي ويؤيد كراهته مطلقا كونه من الشيطان وبذلك صرح النووي قال بن العربي ينبغي كظم التثاؤب في كل حالة وإنما خص الصلاة لأنها أولى الأحوال بدفعه لما فيه من الخروج عن اعتدال الهيئة وإعوجاج الخلقة وأما قوله في رواية أبي سعيد في بن ماجة ولا يعوى فإنه بالعين المهملة شبه التثاؤب الذي يسترسل معه بعواء الكلب تنفيرا عنه واستقباحا له فإن الكلب يرفع رأسه ويفتح فاه ويعوي والمتثائب إذا أفرط في التثاؤب شابهه ومن هنا تظهر النكتة في كونه يضحك منه لأنه صيره ملعبة له بتشويه خلقه في تلك الحالة وأما قوله في رواية مسلم فإن الشيطان يدخل فيحتمل أن يراد به الدخول حقيقة وهو وان كان يجري من الإنسان مجري الدم لكنه لا يتمكن منه ما دام ذاكرا الله تعالى والمتثائب في تلك الحالة غير ذاكر فيتمكن الشيطان من الدخول فيه حقيقة ويحتمل أن يكون أطلق الدخول وأراد التمكن منه لأن من شأن من دخل في شيء أن يكون متمكنا منه وأما الأمر بوضع اليد على الفم فيتناول ما إذا انفتح بالتثاؤب فيغطي بالكف ونحوه وما إذا كان منطبقا حفظا له عن الانفتاح بسبب ذلك وفي معنى وضع اليد على الفم وضع الثوب ونحوه مما يحصل ذلك المقصود وإنما تتعين اليد إذا لم يرتد التثاؤب بدونها ولا فرق في هذا الأمر بين المصلي وغيره بل يتأكد في حال الصلاة كما تقدم ويستثنى ذلك من النهي عن وضع المصلي يده على فمه ومما يؤمر به المتثائب إذا كان في الصلاة أن يمسك عن القراءة حتى يذهب عنه لئلا يتغير نظم قراءته وأسند بن أبي شيبة نحو ذلك عن مجاهد وعكرمة والتابعين