( قوله باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلّم ) .
أي وقوع الاستغفار منه أو التقدير مقدار استغفاره في كل يوم ولا يحمل على الكيفية لتقدم بيان الأفضل وهو لا يترك الأفضل .
5948 - قوله قال قال أبو هريرة في رواية يونس بن يزيد عن الزهري أخبرني أبو سلمة انه سمع أبا هريرة أخرجه النسائي قوله والله اني لاستغفر الله فيه القسم على الشيء تأكيدا له وان لم يكن عند السامع فيه شك قوله لاستغفر الله وأتوب إليه ظاهره انه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة ويحتمل ان يكون المراد يقول هذا اللفظ بعينه ويرجح الثاني ما أخرجه النسائي بسند جيد من طريق مجاهد عن بن عمر انه سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يقول استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه في المجلس قبل ان يقوم مائة مرة وله من رواية محمد بن سوقة عن نافع عن بن عمر بلفظ انا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلّم في المجلس رب اغفر لي وتب علي انك أنت التواب الغفور مائة مرة قوله أكثر من سبعين مرة وقع في حديث أنس اني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة فيحتمل ان يريد المبالغة ويحتمل ان يريد العدد بعينه وقوله أكثر مبهم فيحتمل ان يفسر بحديث بن عمر المذكور وانه يبلغ المائة وقد وقع في طريق أخرى عن أبي هريرة من رواية معمر عن الزهري بلفظ اني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة لكن خالف أصحاب الزهري في ذلك نعم اخرج النسائي أيضا من رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة بلفظ اني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مائة مرة واخرج النسائي أيضا من طريق عطاء عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلّم جمع الناس فقال يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني اتوب إليه في اليوم مائة مرة وله في حديث الاغر المزني رفعه مثله وهو عنده وعند مسلم بلفظ انه ليغان على قلبي واني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة قال عياض المراد بالغين فترات عن الذكر الذي شأنه ان يداوم عليه فإذا فتر عنه لامر ما عد ذلك ذنبا فاستغفر عنه وقيل هو شيء يعترى القلب مما يقع من حديث النفس وقيل هو السكينة التي تغشى قلبه والاستغفار لإظهار العبودية لله والشكر لما اولاه وقيل هي حالة خشية واعظام والاستغفار شكرها ومن ثم قال المحاسبي خوف المتقربين خوف اجلال واعظام وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي لا يعتقد ان الغين في حالة نقص بل هو كمال أو تتمة كمال ثم مثل ذلك بجفن العين حين يسبل ليدفع القذى عن العين مثلا فإنه يمنع العين من الرؤية فهو من هذه الحيثية نقص وفي الحقيقة هو كمال هذا محصل كلامه بعبارة طويلة قال فهكذا بصيرة النبي صلى الله عليه وسلّم متعرضة للأغيرة الثائرة من انفاس الأغيار فدعت الحاجة إلى الستر على حدقة بصيرته صيانة لها ووقاية عن ذلك انتهى وقد استشكل وقوع الاستغفار من النبي صلى الله عليه وسلّم وهو معصوم والاستغفار يستدعى وقوع معصية وأجيب بعدة أجوبة منها ما تقدم في تفسير الغين ومنها قول بن الجوزي هفوات الطباع البشرية لا يسلم منها أحد والأنبياء وان عصموا من الكبائر فلم يعصموا من الصغائر كذا قال وهو مفرع على خلاف المختار والراجح عصمتهم من الصغائر أيضا ومنها قول بن بطال الأنبياء أشد الناس اجتهادا في العبادة لما اعطاهم الله تعالى من المعرفة