عندي مكتوبات في التابوت وجزم القرطبي في المفهم وغير واحد بان المراد بالتابوت الجسد أي ان السبع المذكورة تتعلق بجسد الإنسان بخلاف أكثر ما تقدم فإنه يتعلق بالمعاني كالجهات الست وان كان السمع والبصر من الجسد وحكى بن التين عن الداودي ان معنى قوله في التابوت أي في صحيفة في تابوت عند بعض ولد العباس قال والخصلتان العظم والمخ وقال الكرماني لعلهما الشحم والعظم كذا قالا وفيه نظر سأوضحه قوله فلقيت رجلا من ولد العباس قال بن بطال ليس كريب هو القائل فلقيت رجلا من ولد العباس وانما قاله سلمة بن كهيل الراوي عن كريب قلت هو محتمل وظاهر رواية أبي حذيفة ان القائل هو كريب قال بن بطال وقد وجدت الحديث من رواية علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال فذكر الحديث مطولا وظهرت منه معرفة الخصلتين اللتين نسيهما فان فيه اللهم اجعل في عظامي نورا وفي قبري نورا قلت بل الأظهر ان المراد بهما اللسان والنفس وهما اللذان زادهما عقيل في روايته عند مسلم وهما من جملة الجسد وينطبق عليه التأويل الأخير للتابوت وبذلك جزم القرطبي في المفهم ولا ينافيه ما عداه والحديث الذي أشار إليه أخرجه الترمذي من طريق داود بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلّم ليلة حين فرغ من صلاته يقول اللهم اني أسألك رحمة من عندك فساق الدعاء بطوله وفيه اللهم اجعل لي نورا في قبري ثم ذكر القلب ثم الجهات الست والسمع والبصر ثم الشعر والبشر ثم اللحم والدم والعظام ثم قال في اخره اللهم عظم لي نورا واعطني نورا واجعلني نورا قال الترمذي غريب وقد روى شعبة وسفيان عن سلمة عن كريب بعض هذا الحديث ولم يذكروه بطوله انتهى واخرج الطبري من وجه اخر عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه في اخره وزدني نورا قالها ثلاثا وعند بن أبي عاصم في كتاب الدعاء من طريق عبد الحميد بن عبد الرحمن عن كريب في اخر الحديث وهب لي نورا على نور ويجتمع من اختلاف الروايات كما قال بن العربي خمس وعشرون خصلة قوله فذكر عصبي بفتح المهملتين وبعدهما موحدة قال بن التين هي اطناب المفاصل وقوله وبشرى بفتح الموحدة والمعجمة ظاهر الجسد قوله وذكر خصلتين أي تكملة السبعة قال القرطبي هذه الأنوار التي دعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلّم يمكن حملها على ظاهرها فيكون سأل الله تعالى ان يجعل له في كل عضو من اعضائه نورا يستضيء به يوم القيامة في تلك الظلم هو ومن تبعه أو من شاء الله منهم قال والأولى ان يقال هي مستعارة للعلم والهداية كما قال تعالى فهو على نور من ربه وقوله تعالى وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ثم قال والتحقيق في معناه ان النور مظهر ما نسب إليه وهو يختلف بحسبه فنور السمع مظهر للمسموعات ونور البصر كاشف للمبصرات ونور القلب كاشف عن المعلومات ونور الجوارح ما يبدو عليها من أعمال الطاعات قال الطيبي معنى طلب النور للاعضاء عضوا عضوا ان يتحلى بأنوار المعرفة والطاعات ويتعرى عما عداهما فإن الشياطين تحيط بالجهات الست بالوساوس فكان التخلص منها بالأنوار السادة لتلك الجهات قال وكل هذه الأمور راجعه إلى الهداية والبيان وضياء الحق والى ذلك يرشد قوله تعالى الله نور السماوات والأرض إلى قوله تعالى نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء انتهى ملخصا وكان في بعض ألفاظه مالا يليق بالمقام فحذفته وقال الطيبي أيضا خص السمع والبصر والقلب بلفظ لي لان القلب مقر الفكرة في آلاء الله والسمع والبصر مسارح آيات الله المصونة قال وخص اليمين والشمال بعن ايذانا بتجاوز الأنوار عن قلبه وسمعه وبصره إلى من عن يمينه