عياض ظاهره انه أراد ان يعلمهما ان عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا على كل حال وانما اقتصر على ذلك لما لم يمكنه إعطاء الخادم ثم علمهما إذ فإنهما ما طلباه ذكرا يحصل لهما اجرا أفضل مما سألاه وقال القرطبي انما احالهما على الذكر ليكون عوضا عن الدعاء عند الحاجة أو لكونه احب لابنته ما احب لنفسه من إيثار الفقر وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيما لاجرها وقال المهلب علم صلى الله عليه وسلّم ابنته من الذكر ما هو أكثر نفعا لها في الآخرة وآثر أهل الصفة لأنهم كانوا وقفوا أنفسهم لسماع العلم وضبط السنة على شبع بطونهم لا يرغبون في كسب مال ولا في عيال ولكنهم اشتروا أنفسهم من الله بالقوت ويؤخذ منه تقديم طلبه العلم على غيرهم في الخمس وفيه ما كان عليه السلف الصالح من شظف العيش وقلة الشيء وشدة الحال وان الله حماهم الدنيا مع إمكان ذلك صيانة لهم من تبعاتها وتلك سنة أكثر الأنبياء والأولياء وقال إسماعيل القاضي في هذا الحديث ان للامام ان يقسم الخمس حيث رأى لان السبي لا يكون الا من الخمس واما الأربعة اخماس فهو حق الغانمين انتهى وهو قول مالك وجماعة وذهب الشافعي وجماعة إلى ان لآل البيت سهما من الخمس وقد تقدم بسط ذلك في فرض الخمس في اواخر الجهاد ثم وجدت في تهذيب الطبري من وجه اخر ما لعله يعكر على ذلك فساق من طريق أبي امامه الباهلي عن علي قال أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلّم رقيق اهداهم له بعض ملوك الأعاجم فقلت لفاطمة ائت أباك فاستخدميه فلو صح هذا لازال الاشكال من أصله لأنه حينئذ لا يكون للغانمين فيه شيء وانما هو من مال المصالح يصرفه الامام حيث يراه وقال المهلب فيه حمل الإنسان أهله على ما يحمل عليه نفسه من إيثار الآخرة على الدنيا إذا كانت لهم قدرة على ذلك قال وفيه جواز دخول الرجل على ابنته وزوجها بغير استئذان وجلوسه بينهما في فراشهما ومباشرة قدميه بعض جسدهما قلت وفي قوله بغير استئذان نظر لأنه ثبت في بعض طرقه انه استأذن كما قدمته من رواية عطاء عن مجاهد في الذكر لجعفر وأصله عند مسلم وهو في العلل للدارقطني أيضا بطوله واخرج الطبري في تهذيبه من طريق أبي مريم سمعت عليا يقول ان فاطمة كانت تدق الدرمك بين حجرين حتى مجلت يداها فذكر الحديث وفيه فأتانا وقد دخلنا فراشنا فلما استأذن علينا تخششنا لنلبس علينا ثيابنا فلما سمع ذلك قال كما أنتما في لحافكما ودفع بعضهم الاستدلال المذكور لعصمته صلى الله عليه وسلّم فلا يلحق به غيره ممن ليس بمعصوم وفي الحديث منقبة ظاهرة لعلي وفاطمة عليهما السلام وفيه بيان إظهار غاية التعطف والشفقة على البنت والصهر ونهاية الاتحاد برفع الحشمة والحجاب حيث لم يزعجهما عن مكانهما فتركهما على حالة اضطجاعهما وبالغ حتى ادخل رجله بينهما ومكث بينهما حتى علمهما ما هو الأولى بحالهما من الذكر عوضا عما طلباه من الخادم فهو من باب تلقي المخاطب بغير ما يطلب ايذانا بأن الاهم من المطلوب هو التزود للمعاد والصبر على مشاق الدنيا والتجافي عن دار الغرور وقال الطيبي فيه دلالة على مكانة أم المؤمنين من النبي صلى الله عليه وسلّم حيث خصتها فاطمة بالسفارة بينها وبين أبيها دون سائر الأزواج قلت ويحتمل انها لم ترد التخصيص بل الظاهر انها قصدت اباها في يوم عائشة في بيتها فلما لم تجده ذكرت حاجتها لعائشة ولو اتفق انه كان يوم غيرها من الأزواج لذكرت لها ذلك وقد تقدم ان في بعض طرقه ان أم سلمة ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلّم ذلك أيضا فيحتمل ان فاطمة لما لم تجده في بيت عائشة مرت على بيت أم سلمة فذكرت لها ذلك ويحتمل ان يكون تخصيص هاتين من الأزواج لكون باقيهن كن حزبين كل حزب يتبع واحدة من هاتين كما تقدم صريحا في كتاب الهبة وفيه ان من واظب