( قوله باب الدعاء بعد الصلاة ) .
أي المكتوبة وفي هذه الترجمة رد على من زعم ان الدعاء بعد الصلاة لا يشرع متمسكا بالحديث الذي أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن الحارث عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلّم إذا سلم لا يثبت الا قدر ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والاكرام والجواب ان المراد بالنفي المذكور نفي استمراره جالسا على هيئته قبل السلام الا بقدر ان يقول ما ذكر فقد ثبت انه كان إذا صلى اقبل على اصحابه فيحمل ما ورد من الدعاء بعد الصلاة على انه كان يقوله بعد ان يقبل بوجهه على اصحابه قال بن القيم في الهدي النبوي وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة سواء الامام والمنفرد والمأموم فلم يكن ذلك من هدى النبي صلى الله عليه وسلّم أصلا ولا روى عنه بإسناد صحيح ولا حسن وخص بعضهم ذلك بصلاتي الفجر والعصر ولم يفعله النبي صلى الله عليه وسلّم ولا الخلفاء بعده ولا ارشد إليه أمته وانما هو استحسان رآه من رآه عوضا من السنة بعدهما قال وعامة الأدعية المتعلقة بالصلاة انما فعلها فيها وامر بها فيها قال وهذا اللائق بحال المصلى فإنه مقبل على ربه مناجيه فإذا سلم منها انقطعت المناجاة وانتهى موقفه وقربه فكيف يترك سؤاله في حال مناجاته والقرب منه وهو مقبل عليه ثم يسأل إذا انصرف عنه ثم قال لكن الأذكار الواردة بعد المكتوبة يستحب لمن اتى بها ان يصلى على النبي صلى الله عليه وسلّم بعد ان يفرغ منها ويدعو بما شاء ويكون دعاؤه عقب هذه العبادة الثانية وهي الذكر لا لكونه دبر المكتوبة قلت وما ادعاه من النفي مطلقا مردود فقد ثبت عن معاذ بن جبل ان النبي صلى الله عليه وسلّم قال له يا معاذ اني والله لاحبك فلا تدع دبر كل صلاة ان تقول اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك أخرجه أبو داود والنسائي وصححه بن حبان والحاكم وحديث أبي بكرة في قول اللهم اني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر كان النبي صلى الله عليه وسلّم يدعو بهن دبر كل صلاة أخرجه احمد والترمذي والنسائي وصححه الحاكم وحديث سعد الاتي في باب التعوذ من البخل قريبا فإن في بعض طرقه المطلوب وحديث زيد بن أرقم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يدعو في دبر كل صلاة اللهم ربنا ورب كل شيء الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وحديث صهيب رفعه كان يقول إذا انصرف من الصلاة اللهم اصلح لي ديني الحديث أخرجه النسائي وصححه بن حبان وغير ذلك فان قيل المراد بدبر كل صلاة قرب اخرها وهو التشهد قلنا قد ورد الأمر بالذكر دبر كل صلاة والمراد به بعد السلام إجماعا فكذا هذا حتى يثبت ما يخالفه