البلد وهذا كله في رواية بن عون وثبت السؤال عن الثلاثة عند المصنف في الأضاحي من رواية أيوب وفي الحج من رواية قرة كلاهما عن بن سيرين قال القرطبي سؤاله صلى الله عليه وسلّم عن الثلاثة وسكوته بعد كل سؤال منها كان لاستحضار فهومهم وليقبلوا عليه بكليتهم وليستشعروا عظمة ما يخبرهم عنه ولذلك قال بعد هذا فإن دماءكم الخ مبالغة في بيان تحريم هذه الأشياء انتهى ومناط التشبيه في قوله كحرمة يومكم وما بعده ظهوره عند السامعين لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتا في نفوسهم مقررا عندهم بخلاف الأنفس والأموال والاعراض فكانوا في الجاهلية يستبيحونها فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وما له وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من المشبه لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع ووقع في الروايات التي اشرنا إليها عند المصنف وغيره أنهم أجابوه عن كل سؤال بقولهم الله ورسوله أعلم وذلك من حسن أدبهم لأنهم علموا أنه لا يخفى عليه ما يعرفونه من الجواب وأنه ليس مراده مطلق الأخبار بما يعرفونه ولهذا قال في رواية الباب حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه ففيه إشارة إلى تفويض الأمور الكلية إلى الشارع ويستفاد منه الحجة لمثبتي الحقائق الشرعية قوله فان دماءكم الخ هو على حذف مضاف أي سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب اعراضكم والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الإنسان سواء كان في نفسه أو سلفه قوله ليبلغ الشاهد أي الحاضر في المجلس الغائب أي الغائب عنه والمراد إما تبليغ القول المذكور أو تبليغ جميع الأحكام وقوله منه صلة لأفعل التفضيل وجاز الفصل بينهما لأن في الظرف سعة وليس الفاصل أيضا أجنبيا فائدة وقع في حديث الباب فسكتنا بعد السؤال وعند المصنف في الحج من حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خطب الناس يوم النحر فقال أي يوم هذا قالوا يوم حرام وظاهرهما التعارض والجمع بينهما أن الطائفة الذين كان فيهم بن عباس أجابوا والطائفة الذين كان فيهم أبو بكرة لم يجيبوا بل قالوا الله ورسوله أعلم كما أشرنا إليه أو تكون رواية بن عباس بالمعنى لأن في حديث أبي بكرة عند المصنف في الحج وفي الفتن أنه لما قال أليس يوم النحر قالوا بلى بمعنى قولهم يوم حرام بالاستلزام وغايته أن أبا بكرة نقل السياق بتمامه واختصره بن عباس وكأن ذلك كان بسبب قرب أبي بكرة منه لكونه كان آخذا بخطام الناقة وقال بعضهم يحتمل تعدد الخطبة فإن أراد أنه كررها في يوم النحر فيحتاج لدليل فإن في حديث بن عمر عند المصنف في الحج أن ذلك كان يوم النحر بين الجمرات في حجته وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم الحث على تبليغ العلم وجواز التحمل قبل كمال الأهلية وأن الفهم ليس شرطا في الأداء وأنه قد يأتي في الآخر من يكون أفهم ممن تقدمه لكن بقلة واستنبط بن المنير من تعليل كون المتأخر أرجح نظرا من المتقدم أن تفسير الراوي أرجح من تفسير غيره وفيه جواز القعود على ظهر الدواب وهي واقفة إذا احتيج إلى ذلك وحمل النهي الوارد في ذلك على ما إذا كان لغير ضرورة وفيه الخطبة على موضع عال ليكون أبلغ في إسماعه للناس ورؤيتهم إياه