( قوله باب التعوذ من فتنة المحيا ) .
أي زمن الحياة .
6006 - والممات أي زمن الموت من أول النزع وهلم جرا ذكر فيه حديث أنس وفيه ذكر العجز والكسل والجبن وقد تقدم الكلام عليه في الجهاد والبخل وسيأتي بعد بابين والهرم والمراد به الزيادة في كبر السن وعذاب القبر وقد مضى في الجنائز واما فتنة المحيا والممات فقال بن بطال هذه كلمة جامعة لمعان كثيرة وينبغي للمرء ان يرغب إلى ربه في رفع ما نزل ودفع ما لم ينزل ويستشعر الافتقار إلى ربه في جميع ذلك وكان صلى الله عليه وسلّم يتعوذ من جميع ما ذكر دفعا عن أمته وتشريعا لهم ليبين لهم صفة المهم من الأدعية قلت وقد تقدم شرح المراد بفتنة المحيا وفتنة الممات في باب الدعاء قبل السلام في اواخر صفة الصلاة قبيل كتاب الجمعة وأصل الفتنة الامتحان والاختبار واستعملت في الشرع في اختبار كشف ما يكره ويقال فتنت الذهب إذا اختبرته بالنار لتنظر جودته وفي الغفلة عن المطلوب كقوله انما أموالكم وأولادكم فتنة وتستعمل في الإكراه على الرجوع عن الدين كقوله تعالى ان الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات قلت واستعملت أيضا في الضلال والاثم والكفر والعذاب والفضيحة ويعرف المراد حيثما ورد بالسياق والقرائن .
( قوله باب التعوذ من المأثم والمغرم ) .
بفتح الميم فيهما وكذا الراء والمثلثة وسكون الهمزة والغين المعجمة والمأثم ما يقتضي الإثم والمغرم ما يقتضي الغرم وقد تقدم بيانه في باب الدعاء قبل السلام من كتاب الصلاة .
6007 - قوله من الكسل والهرم تقدما في الباب الذي قبله قوله والمأثم والمغرم والمراد الإثم والغرامة وهي ما يلزم الشخص اداؤه كالدين زاد في رواية الزهري عن عروة كما مضى في باب الدعاء قبل السلام فقال له قائل ما أكثر ما تستعيذ من المأثم والمغرم هكذا أخرجه من طريق شعيب عن الزهري وكذا أخرجه النسائي من طريق سليمان بن سليم الحمصي عن الزهري فذكر الحديث مختصرا وفيه فقال له يا رسول الله انك تكثر التعوذ الحديث وقد تقدم بيانه هناك وقلت اني لم اقف حينئذ على تسمية القائل ثم وجدت تفسير المبهم في الاستعاذة للنسائي أخرجه من طريق سلمة بن سعيد بن عطية عن معمر عن الزهري فذكر الحديث مختصرا ولفظه كان يتعوذ من المغرم والمأثم قلت يا رسول الله ما أكثر ما تتعوذ من المغرم قال انه من غرم حدث فكذب ووعد فأخلف فعرف ان السائل له عن ذلك عائشة راوية الحديث قوله ومن فتنة القبر هي سؤال الملكين وعذاب القبر تقدم شرحه قوله ومن فتنة النار هي سؤال الخزنة على سبيل التوبيخ واليه الإشارة بقوله تعالى كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها الم يأتكم نذير وسيأتي الكلام عليه في باب الاستعاذة من ارذل العمر بعد ثلاثة أبواب قوله ومن شر فتنة الغنى وأعوذ بك من فتنة الفقر تقدم الكلام على ذلك أيضا في باب الدعاء قبل السلام قال الكرماني صرح في فتنة الغني بذكر الشر إشارة إلى ان مضرته أكثر من مضرة غيره أو تغليظا على اصحابه حتى لا يغتروا فيغفلوا عن مفاسده أو إيماء إلى ان صورته لا يكون فيها خير بخلاف صورة الفقر فانها قد تكون خيرا انتهى وكل هذا غفلة عن الواقع فان الذي ظهر لي ان لفظ شر في الأصل ثابتة في الموضعين وانما اختصرها بعض الرواة فسيأتي بعد قليل في باب الاستعاذة من أرذل العمر من طريق وكيع وأبي معاوية مفرقا عن هشام بسنده هذا بلفظ شر فتنة الغني وشر فتنة الفقر ويأتي بعد أبواب أيضا من رواية سلام بن أبي مطيع عن هشام بإسقاط شر في الموضعين والتقييد في الغنى والفقر بالشر لا بد منه لان كلا منهما فيه خير باعتبار فالتقييد في الاستعاذة منه بالشر يخرج ما فيه من الخير سواء قل أم كثر قال الغزالي فتنة الغني الحرص على جمع المال وحبه حتى يكسبه من غير حله وبمنعه من واجبات انفاقه وحقوقه وفتنة الفقر يراد به الفقر المدقع الذي لا يصحبه خير ولا ورع حتى يتورط صاحبه بسببه فيما لا يليق بأهل الدين والمروءة ولا يبالي بسبب فاقته على أي حرام وثب ولا في أي حالة تورط وقيل المراد به فقر النفس الذي لا يرده ملك الدنيا بحذافيرها وليس فيه ما يدل على تفضيل الفقر على الغنى ولا عكسه قوله وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال في رواية وكيع ومن شر فتنة المسيح الدجال وقد تقدم شرحه أيضا في باب الدعاء قبل السلام قوله اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد الخ تقدم شرحه في الكلام على حديث أبي هريرة في أوائل صفة الصلاة وحكمة العدول عن الماء الحار إلى الثلج والبرد مع ان الحار في العادة ابلغ في إزالة الوسخ الإشارة إلى ان الثلج والبرد ماآن طاهران لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال فكان ذكرهما آكد في هذا المقام أشار إلى هذا الخطابي وقال الكرماني وله توجيه اخر وهو انه جعل الخطايا بمنزلة النار لكونها تؤدي إليها فعبر عن اطفاء حرارتها بالغسل تأكيدا في اطفائها وبالغ فيه باستعمال المبردات ترقيا عن الماء إلى ابرد منه