الصريح إلى الله حيث قال ان الله كتب ويحتمل أن يكون لبيان الواقع وليس فيه ان غيره ليس كذلك لأنه صلى الله عليه وسلّم لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى بل فيه ان غيره كذلك إذ قال فيما يرويه أي في جملة ما يرويه انتهى ملخصا والثاني لا ينافي الأول وهو المعتمد فقد أخرجه مسلم من طريق جعفر بن سليمان عن الجعد ولم يسق لفظه وأخرجه أبو عوانة من طريق عفان وأبو نعيم من طريق قتيبة كلاهما عن جعفر بلفظ فيما يروى عن ربه قال ان ربكم رحيم من هم بحسنة وسيأتي في التوحيد من طريق الأعرج عن أبي هريرة بلفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال يقول الله D إذا أراد عبدي ان يعمل وأخرجه مسلم بنحوه من هذا الوجه ومن طرق أخرى منها عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم قال قال الله D إذا هم عبدي قوله ان الله D كتب الحسنات والسيئات يحتمل أن يكون هذا من قول الله تعالى فيكون التقدير قال الله ان الله كتب ويحتمل أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلّم يحكيه عن فعل الله تعالى وفاعل ثم بين ذلك هو الله تعالى وقوله فمن هم شرح ذلك قوله ثم بين ذلك أي فصله بقوله فمن هم والمجمل قوله كتب الحسنات والسيئات وقوله كتب قال الطوفي أي أمر الحفظة ان تكتب أو المراد قدر ذلك في علمه على وفق الواقع منها وقال غيره المراد قدر ذلك وعرف الكتبة من الملائكة ذلك التقدير فلا يحتاج إلى الاستفسار في كل وقت عن كيفية الكتابة لكونه أمرا مفروغا منه انتهى وقد يعكر على ذلك ما أخرجه مسلم من طريق همام عن أبي هريرة رفعه قال قالت الملائكة رب ذاك عبدك يريد ان يعمل سيئة وهو أبصر به فقال أرقبوه فإن عملها فاكتبوها فهذا ظاهره وقوع المراجعة لكن ذلك مخصوص بإرادة عمل السيئة ويحتمل أن يكون ذلك وقع في ابتداء الأمر فلما حصل الجواب استقر ذلك فلا يحتاج إلى المراجعة بعده وقد وجدت عن الشافعي ما يوافق ظاهر الخبر وان المؤاخذة انما تقع لمن هم على الشيء فشرع فيه لا من هم به ولم يتصل به العمل فقال في صلاة الخوف لما ذكر العمل الذي يبطلها ما حاصله ان من أحرم بالصلاة وقصد القتال فشرع فيه بطلت صلاته ومن تحرم وقصد إلى العدو لو دهمه دفعه بالقتال لم تبطل قوله فمن هم كذا في رواية بن سيرين عن أبي هريرة عند مسلم وفي رواية الأعرج في التوحيد إذا أراد وأخرجه مسلم من هذا الوجه بلفظ إذا هم وكذا عنده من رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة فهما بمعنى واحد ووقع لمسلم أيضا من رواية همام عن أبي هريرة بلفظ إذا تحدث وهو محمول على حديث النفس لتوافق الروايات الأخرى ويحتمل أن يكون على ظاهره ولكن ليس قيدا في كتابة الحسنة بل بمجرد الإرادة تكتب الحسنة نعم ورد ما يدل على أن مطلق الهم والإرادة لا يكفي فعند احمد وصححه بن حبان والحاكم من حديث خريم بن فاتك رفعه ومن هم بحسنة يعلم الله أنه قد أشعر بها قلبه وحرص عليها وقد تمسك به بن حبان فقال بعد إيراد حديث الباب في صحيحه المراد بالهم هنا العزم ثم قال ويحتمل أن الله يكتب الحسنة بمجرد الهم بها وان لم يعزم عليها زيادة في الفضل قوله فلم يعملها يتناول نفي عمل الجوارح واما عمل القلب فيحتمل نفيه أيضا ان كانت الحسنة تكتب بمجرد الهم كما في معظم الأحاديث لا ان قيدت بالتصميم كما في حديث خريم ويؤيد الأول حديث أبي ذر عند مسلم أن الكف عن الشر صدقة قوله كتبها الله له أي للذي هم بالحسنة عنده أي عند الله حسنة كاملة كذا ثبت في حديث بن عباس دون حديث أبي هريرة وغيره وصف الحسنة بكونها كاملة وكذا قوله عنده وفيهما نوعان من التأكيد