من مغربها وخروج الدابة والنار التي تحشر الناس وحديث الباب يؤذن بذلك لأنه جعل في طلوعها من المغرب غاية لعدم قيام الساعة فيقتضى انها إذا طلعت كذلك انتفى عدم القيام فثبت القيام قوله فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا اجمعون وقع في رواية أبي زرعة عن أبي هريرة في التفسير فإذا رآها الناس آمن من عليها أي على الأرض من الناس قوله فذاك في رواية الكشميهني فذلك وكذا هو في رواية أبي زرعة ووقع في رواية همام عن أبي هريرة في التفسير أيضا وذلك بالواو قوله حين لا ينفع نفسا ايمانها الآية كذا هنا وفي رواية أبي زرعة ايمانها لم تكن آمنت من قبل وفي رواية همام ايمانها ثم قرأ الآية قال الطبري معنى الآية لا ينفع كافرا لم يكن آمن قبل الطلوع ايمان بعد الطلوع ولا ينفع مؤمنا لم يكن عمل صالحا قبل الطلوع عمل صالح بعد الطلوع لان حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذ حكم من آمن أو عمل عند الغرغرة وذلك لا يفيد شيئا كما قال تعالى فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا وكما ثبت في الحديث الصحيح تقبل توبة العبد ما لم يبلغ الغرغرة وقال بن عطية في هذا الحديث دليل على أن المراد بالبعض في قوله تعالى يوم يأتي بعض آيات ربك طلوع الشمس من المغرب والى ذلك ذهب الجمهور وأسند الطبري عن بن مسعود ان المراد بالبعض إحدى ثلاث هذه أو خروج الدابة أو الدجال قال وفيه نظر لان نزول عيسى بن مريم يعقب خروج الدجال وعيسى لا يقبل الا الإيمان فانتفى ان يكون بخروج الدجال لا يقبل الإيمان ولا التوبة قلت ثبت في صحيح مسلم من طريق أبي حازم عن أبي هريرة رفعه ثلاث إذا خرجن لم ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض قيل فلعل حصول ذلك يكون متتابعا بحيث تبقى النسبة إلى الأول منها مجازية وهذا بعيد لان مدة لبث الدجال إلى أن يقتله عيسى ثم لبس عيسى وخروج يأجوج ومأجوج كل ذلك سابق على طلوع الشمس من المغرب فالذي يترجح من مجموع الاخبار ان خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض وينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم وان طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي وينتهي ذلك بقيام الساعة ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب وقد اخرج مسلم أيضا من طريق أبي زرعة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه أول الآيات طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى فأيهما خرجت قبل الأخرى فالاخرى منها قريب وفي الحديث قصة لمروان بن الحكم وأنه كان يقول أول الآيات خروج الدجال فأنكر عليه عبد الله بن عمرو قلت ولكلام مروان محمل يعرف مما ذكرته قال الحاكم أبو عبد الله الذي يظهر ان طلوع الشمس يسبق خروج الدابة ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أو الذي يقرب منه قلت والحكمة في ذلك أن عند طلوع الشمس من المغرب يغلق باب التوبة فتخرج الدابة تميز المؤمن من الكافر تكميلا للمقصود من اغلاق باب التوبة وأول الآيات المؤذنة بقيام الساعة النار التي تحشر الناس كما تقدم في حديث أنس في بدء الخلق في مسائل عبد الله بن سلام ففيه وأما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب وسيأتي فيه زيادة في باب كيف الحشر قال بن عطية وغيره ما حاصله معنى الآية ان الكافر لا ينفعه ايمانه بعد طلوع الشمس من المغرب وكذلك العاصي لا تنفعه توبته ومن لم يعمل صالحا من قبل ولو كان مؤمنا لا ينفعه العمل بعد طلوعها من المغرب وقال القاضي عياض المعنى لا تنفع توبة بعد ذلك بل يختم على عمل كل أحد بالحالة التي هو عليها