وكذا وقع في رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى التي أشرت إليها وفيها فأكب القوم يبكون وقالوا انا نكره الموت قال ليس ذلك ولابن أبي شيبة من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة نحو حديث الباب وفيه قيل يا رسول الله ما منا من أحد الا وهو يكره الموت فقال إذا كان ذلك كشف له ويحتمل أيضا ان يكون من كلام قتادة أرسله في رواية همام ووصله في رواية سعيد بن أبي عروبة عنه عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة فيكون في رواية همام ادراج وهذا أرجح في نظري فقد أخرجه مسلم عن هداب بن خالد عن همام مقتصرا على أصل الحديث دون قوله فقالت عائشة الخ ثم أخرجه من رواية سعيد بن أبي عروبة موصولا تاما وكذا أخرجه هو وأحمد من رواية شعبة والنسائي من رواية سليمان التيمي كلاهما عن قتادة وكذا جاء عن أبي هريرة وغير واحد من الصحابة بدون المراجعة وقد أخرجه الحسن بن سفيان وأبو يعلى جميعا عن هدبة بن خالد عن همام تاما كما أخرجه البخاري عن حجاج عن همام وهدبة هو هداب شيخ مسلم فكأن مسلما حذف الزيادة عمدا لكونها مرسلة من هذا الوجه واكتفى بإيرادها موصولة من طريق سعيد بن أبي عروبة وقد رمز البخاري إلى ذلك حيث علق رواية شعبة بقوله اختصره الخ وكذا أشار إلى رواية سعيد تعليقا وهذا من العلل الخفية جدا قوله انا لنكره الموت في رواية سعد بن هشام فقالت يا نبي الله اكراهة الموت فكلنا نكره الموت قوله بشر برضوان الله وكرامته في رواية سعد بن هشام بشر برحمة الله ورضوانه وجنته وفي حديث حميد عن أنس ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله وليس شيء احب إليه من أن يكون قد لقي الله فأحب الله لقاءه وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى ولكنه إذا حضر فإما ان كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم فإذا بشر بذلك احب لقاء الله والله للقائه احب قوله فليس شيء احب إليه مما أمامه بفتح الهمزة أي ما يستقبله بعد الموت وقد وقعت هذه المراجعة من عائشة لبعض التابعين فأخرج مسلم والنسائي من طريق شريح بن هانيء قال سمعت أبا هريرة فذكر أصل الحديث قال فأتيت عائشة فقلت سمعت حديثا ان كان كذلك فقد هلكنا فذكره قال وليس منا أحد الا وهو يكره الموت فقالت ليس بالذي تذهب إليه ولكن إذا شخص البصر بفتح الشين والخاء المعجمتين وآخره مهملة أي فتح المحتضر عينيه إلى فوق فلم يطرف وحشرج الصدر بحاء مهملة مفتوحة بعدها معجمة وآخره جيم أي ترددت الروح في الصدر واقشعر الجلد وتشنجت بالشين المعجمة والنون الثقيلة والجيم أي تقبضت وهذه الأمور هي حالة المحتضر وكأن عائشة اخذته من معنى الخبر الذي رواه عنها سعد بن هشام مرفوعا وأخرجه مسلم والنسائي أيضا عن شريح بن هانيء عن عائشة مثل روايته عن أبي هريرة وزاد في اخره والموت دون لقاء الله وهذه الزيادة من كلام عائشة فيما يظهر لي ذكرتها استنباطا مما تقدم وعند عبد بن حميد من وجه آخر عن عائشة مرفوعا إذا راد الله بعبد خيرا قيض له قبل موته بعام ملكا يسدده ويوفقه حتى يقال مات بخير ما كان فإذا حضر ورأى ثوابه اشتاقت نفسه فذلك حين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإذا أراد الله بعبد شرا قيض له قبل موته بعام شيطانا فأضله وفتنه حتى يقال مات بشر ما كان عليه فإذا حضر ورأى ما أعد له من العذاب جزعت نفسه فذلك حين كره لقاء الله وكره الله لقاءه قال الخطابي تضمن حديث الباب من التفسير ما فيه غنية عن غيره واللقاء يقع على أوجه منها المعاينة ومنها البعث كقوله تعالى الذين كذبوا بلقاء الله ومنها الموت كقوله من كان يرجو لقاء الله فإن اجل الله