وذكرت هناك ما يرد على من زعم ان عمر إنما نذر بعد ان اسلم وعلى من زعم ان اعتكاف عمر كان قبل النهي عن الصيام في الليل وبقي هنا ما يتعلق بالنذر إذا صدر من شخص قبل ان يسلم ثم اسلم هل يلزمه وقد ذكرت ما فيه وقوله اوف بنذرك لم يذكر في هذه الرواية متى اعتكف وقد تقدم في غزوة حنين التصريح بأن سؤاله كان بعد قسم النبي صلى الله عليه وسلّم غنائم حنين بالطائف وتقدم في فرض الخمس ان في رواية سفيان بن عيينة عن أيوب من الزيادة قال عمر فلم اعتكف حتى كان بعد حنين وكان النبي صلى الله عليه وسلّم أعطاني جارية من السبي فبينا انا معتكف إذ سمعت تكبيرا فذكر الحديث في من النبي صلى الله عليه وسلّم على هوازن بإطلاق سبيهم وفي الحديث لزوم النذر للقربة من كل أحد حتى قبل الإسلام وقد تقدمت الإشارة إليه أجاب بن العربي بأن عمر لما نذر في الجاهلية ثم اسلم أراد ان يكفر ذلك بمثله في الإسلام فلما اراده ونواه سأل النبي صلى الله عليه وسلّم فأعلمه انه لزمه قال وكل عبادة ينفرد بها العبد عن غيره تنعقد بمجرد النية العازمة الدائمة كالنذر في العبادة والطلاق في الاحكام وان لم يتلفظ بشيء من ذلك كذا قال ولم يوافق على ذلك بل نقل بعض المالكية الاتفاق على ان العبادة لا تلزم الا بالنية مع القول أو الشروع وعلى التنزل فظاهر كلام عمر مجرد الاخبار بما وقع مع الاستخبار عن حكمه هل لزم أو لا وليس فيه ما يدل على ما ادعاه من تجديد نية منه في الإسلام وقال الباجي قصة عمر هي كمن نذر ان يتصدق بكذا ان قدم فلان بعد شهر فمات فلان قبل قدومه فإنه لا يلزم الناذر قضاؤه فان فعله فحسن فلما نذر عمر قبل ان يسلم وسأل النبي صلى الله عليه وسلّم امره بوفائه استحبابا وان كان لا يلزمه لأنه التزمه في حالة لا ينعقد فيها ونقل شيخنا في شرح الترمذي انه استدل به على ان الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وان كان لا يصح منهم الا بعد ان يسلموا لأمر عمر بوفاء ما التزمه في الشرك ونقل انه لا يصح الاستدلال به لأن الواجب بأصل الشرع كالصلاة لا يجب عليهم قضاؤها فكيف يكلفون بقضاء ما ليس واجبا بأصل الشرع قال ويمكن ان يجاب بأن الواجب بأصل الشرع مؤقت بوقت وقد خرج قبل ان يسلم الكافر ففات وقت ادائه فلم يؤمر بقضائه لأن الإسلام يجب ما قبله فاما إذا لم يؤقت نذره فلم يتعين له وقت حتى اسلم فايقاعه له بعد الإسلام يكون أداء لاتساع ذلك باتساع العمر قلت وهذا البحث يقوي ما ذهب إليه أبو ثور ومن قال بقوله وان ثبت النقل عن الشافعي بذلك فلعله كان يقوله اولا فأخذه عنه أبو ثور ويمكن ان يؤخذ من الفرق المذكور وجوب الحج على من اسلم لاتساع وقته بخلاف ما فات وقته والله اعلم تنبيه المراد بقول عمر في الجاهلية قبل إسلامه لأن جاهلية كل أحد بحسبه ووهم من قال الجاهلية في كلامه زمن فترة النبوة والمراد بها هنا ما قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلّم فان هذا يتوقف على نقل وقد تقدم انه نذر قبل ان يسلم وبين البعثة واسلامه مدة