فرأى المسلمون أن القتل قد أخر وأن الضرب قد وجب وقبيصة بن ذؤيب من أولاد الصحابة وولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم ولم يسمع منه ورجال هذا الحديث ثقات مع إرساله لكنه أعل بما أخرجه الطحاوي من طريق الأوزاعي عن الزهري قال بلغني عن قبيصة ويعارض ذلك رواية بن وهب عن يونس عن الزهري أن قبيصة حدثه أنه بلغه عن النبي صلى الله عليه وسلّم وهذا أصح لأن يونس أحفظ لرواية الزهري من الأوزاعي والظاهر أن الذي بلغ قبيصة ذلك صحابي فيكون الحديث على شرط الصحيح لأن إبهام الصحابي لا يضر وله شاهد أخرجه عبد الرزاق عن معمر قال حدثت به بن المنكدر فقال ترك ذلك قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بابن نعيمان فجلده ثلاثا ثم أتي به في الرابعة فجلده ولم يزد ووقع عند النسائي من طريق محمد بن إسحاق عن بن المنكدر عن جابر فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم برجل منا قد شرب في الرابعة فلم يقتله وأخرجه من وجه آخر عن محمد بن إسحاق بلفظ فان عاد الرابعة فاضربوا عنقه فضربه رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربع مرات فرأى المسلمون أن الحد قد وقع وأن القتل قد رفع قال الشافعي بعد تخريجه هذا ما لا اختلاف فيه بين أهل العلم علمته وذكره أيضا عن أبي الزبير مرسلا وقال أحاديث القتل منسوخة وأخرجه أيضا من رواية بن أبي ذئب حدثني بن شهاب أتى النبي صلى الله عليه وسلّم بشارب فجلده ولم يضرب عنقه وقال الترمذي لا نعلم بين أهل العلم في هذا اختلافا في القديم والحديث قال وسمعت محمدا يقول حديث معاوية في هذا أصح وانما كان هذا في أول الأمر ثم نسخ بعد وقال في العلل آخر الكتاب جميع ما في هذا الكتاب قد عمل به أهل العلم إلا هذا الحديث وحديث الجمع بين الصلاتين في الحضر وتعقبه النووي فسلم قوله في حديث الباب دون الآخر ومال الخطابي إلى تأويل الحديث في الأمر بالقتل فقال قد يرد الأمر بالوعيد ولا يراد به وقوع الفعل وانما قصد به الردع والتحذير ثم قال ويحتمل أن يكون القتل في الخامسة كان واجبا ثم نسخ بحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يقتل وأما بن المنذر فقال كان العمل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكل به ثم نسخ بالأمر بجلده فان تكرر ذلك أربعا قتل ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة وباجماع أهل العلم إلا من شذ ممن لا يعد خلافه خلافا قلت وكأنه أشار إلى بعض أهل الظاهر فقد نقل عن بعضهم واستمر عليه بن حزم منهم واحتج له وادعى أن لا إجماع وأورد من مسند الحارث بن أبي أسامة ما أخرجه هو والأمام أحمد من طريق الحسن البصري عن عبد الله بن عمرو أنه قال ائتوني برجل أقيم عليه الحد يعني ثلاثا ثم سكر فان لم اقتله فأنا كذاب وهذا منقطع لأن الحسن لم يسمع من عبد الله بن عمرو كما جزم به بن المديني وغيره فلا حجة فيه وإذا لم يصح هذا عن عبد الله بن عمرو لم يبق لمن رد الإجماع على ترك القتل متمسك حتى ولو ثبت عن عبد الله بن عمرو لكان عذره أنه لم يبلغه النسخ وعد ذلك من نزره المخالف وقد جاء عن عبد الله بن عمرو أشد من الأول فأخرج سعيد بن منصور عنه بسند لين قال لو رأيت أحدا يشرب الخمر واستطعت أن أقتله لقتلته وأما قول بعض من انتصر لابن حزم فطعن في النسخ بأن معاوية انما أسلم بعد الفتح وليس في شيء من أحاديث غيره الدالة على نسخه التصريح بأن ذلك متأخر عنه وجوابه أن معاوية أسلم قبل الفتح وقيل في الفتح وقصة بن النعيمان كانت بعد ذلك لأن عقبة بن الحارث حضرها إما بحنين وإما بالمدينة وهو انما أسلم في الفتح وحنين وحضور عقبة إلى المدينة كان بعد الفتح جزما فثبت ما نفاه هذا القائل وقد عمل بالناسخ بعض الصحابة فأخرج عبد الرزاق في مصنفه بسند لين عن عمر بن الخطاب أنه جلد أبا محجن الثقفي في الخمر ثمان مرار وأورد نحو ذلك عن