وإنما أراد أبو هريرة بقوله قطع أي قطع أهل الجور رأسه إذا سمعوا عيبه لفعلهم وتضليله لسعيهم ويؤيد ذلك أن الأحاديث المكتوبة لو كانت من الأحكام الشرعية ما وسعه كتمانها لما ذكره في الحديث الأول من الآية الدالة على ذم من كتم العلم وقال غيره يحتمل أن يكون أراد مع الصنف المذكور ما يتعلق بأشراط الساعة وتغير الأحوال والملاحم في آخر الزمان فينكر ذلك من لم يالفه ويعترض عليه من لا شعور له به .
( قوله باب الانصات للعلماء ) .
أي السكوت والاستماع لما يقولونه .
121 - قوله حدثنا حجاج هو بن منهال قوله عن جرير هو بن عبد الله البجلي وهو جد أبي زرعة الراوي عنه هنا قوله قال له في حجة الوداع ادعى بعضهم أن لفظ له زيادة لأن جريرا إنما أسلم بعد حجة الوداع بنحو من شهرين فقد جزم بن عبد البر بأنه أسلم قبل موت النبي صلى الله عليه وسلّم بأربعين يوما وما جزم به يعارضه قول البغوي وبن حبان أنه أسلم في رمضان سنة عشر ووقع في رواية المصنف لهذا الحديث في باب حجة الوداع بان النبي صلى الله عليه وسلّم قال لجرير وهذا لا يحتمل التأويل فيقوى ما قال البغوي والله أعلم قوله يضرب هو بضم الباء في الروايات والمعنى لا تفعلوا فعل الكفار فتشبهوهم في حالة قتل بعضهم بعضا وسيأتي بقية الكلام عليه في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى قال بن بطال فيه أن الانصات للعلماء لازم للمتعلمين لأن العلماء ورثة الأنبياء كأنه أراد بهذا مناسبة الترجمة للحديث وذلك أن الخطبة المذكورة كانت في حجة الوداع والجمع كثير جدا وكان اجتماعهم لرمي الجمار وغير ذلك من أمور الحج وقد قال لهم خذوا عني مناسككم كما ثبت في صحيح مسلم فلما خطبهم ليعلمهم ناسب أن يأمرهم بالإنصات وقد وقع التفريق بين الانصات والاستماع في قوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا ومعناهما مختلف فالانصات هو السكوت وهو يحصل ممن يستمع وممن لا يستمع كان يكون مفكرا في أمر آخر وكذلك الاستماع قد يكون مع السكوت وقد يكون مع النطق بكلام آخر لا يشتغل الناطق به عن فهم ما يقول الذي يستمع منه وقد قال سفيان الثوري وغيره أول العلم الاستماع ثم الانصات ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر وعن الأصمعي تقديم الانصات على الاستماع وقد ذكر على بن المديني أنه قال لابن عيينة أخبرني معتمر بن سليمان عن كهمس عن مطرف قال الانصات من العينين فقال له بن عيينة وما ندري كيف ذلك قال إذا حدثت رجلا فلم ينظر إليك لم يكن منصتا انتهى وهذا محمول على الغالب والله أعلم