على أن من خشي من قوم فتنة وأن لا يجيبوا إلى امتثال الأمر الحق أن يتوجه إليهم ويناظرهم ويقيم عليهم الحجة وقد أخرج النسائي من حديث سالم بن عبيد الله قال اجتمع المهاجرون يتشاورون فقالوا انطلقوا بنا إلى إخواننا الأنصار فقالوا منا أمير ومنكم أمير فقال عمر فسيفان في غمد إذا لا يصلحان ثم أخذ بيد أبي بكر فقال من له هذه الثلاثة إذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا من صاحبه إذ هما في الغار من هما فبايعه وبايعه الناس أحسن بيعه وأجملها وفيه أن للكبير القدر أن يتواضع ويفضل من هو دونه على نفسه أدبا وفرارا من تزكية نفسه ويدل عليه أن عمر لما قال له أبسط يدك لم يمتنع وفيه أنه لا يكون للمسلمين أكثر من إمام وفيه جواز الدعاء على من يخشى في بقائه فتنة واستدل به على أن من قذف غيره عند الإمام لم يجب على الإمام أن يقيم عليه الحد حتى يطلبه المقدوف لأن له أن يعفو عن قاذفه أو يريد الستر وفيه أن على الإمام إن خشي من قوم الوقوع في محذور أن يأتيهم فيعظهم ويحذرهم قبل الإيقاع بهم وتمسك بعض الشيعه بقول أبي بكر قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين بأنه لم يكن يعتقد وجوب إمامته ولا استحقاقه للخلافه والجواب من أوجه أحدهما أن ذلك كان تواضعا منه والثاني لتجويزه امامة المفضول مع وجود الفاضل وان كان من الحق له فله أن يتبرع لغيره الثالث أنه علم أن كلا منهما لا يرضى أن يتقدمه فأراد بذلك الإشارة إلى أنه لو قدر أنه لا يدخل في ذلك لكان الأمر منحصرا فيهما ومن ثم لما حضره الموت استخلف عمر لكون أبي عبيدة كان أذ ذاك غائبا في جهاد أهل الشام متشاغلا بفتحها وقد دل قول عمر لأن أقدم فتضرب عنقي الخ على صحة الاحتمال المذكور وفيه إشارة ذي الرأي على الامام بالمصلحة العامة بما ينفع عموما أو خصوصا وان لم يستشره ورجوعه إليه عند وضوح الصواب واستدل بقول أبي بكر أحد هذين الرجلين أن شرط الإمام أن يكون واحدا وقد ثبت النص الصريح في حديث مسلم إذا بايعوا لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما وان كان بعضهم أوله بالخلع والاعراض عنه فيصير كمن قتل وكذا قال الخطابي في قول عمر في حق سعد اقتلوه أي اجعلوه كمن قتل