لم ولا كيف كما لا يتوجه عليه في وجوده أين وحيث وإن العقل لا يحسن ولا يقبح وأن ذلك راجع إلى الشرع فما حسنه بالثناء عليه فهو حسن وما قبحه بالذم فهو قبيح وان الله تعالى فيما يقضيه حكما واسرارا في مصالح خفية اعتبرها كل ذلك بمشيئته وارادته من غير وجوب عليه ولا حكم عقل يتوجه إليه بل بحسب ما سبق في علمه ونافذ حكمة فما اطلع الخلق عليه من تلك الاسرار عرف وإلا فالعقل عنده واقف فليحذر المرء من الاعتراض فإن مآل ذلك إلى الخيبة قال ولننبه هنا على مغالطتين الأولى وقع لبعض الجهلة أن الخضر أفضل من موسى تمسكا بهذه القصة وبما اشتملت عليه وهذا إنما يصدر ممن قصر نظره على هذه القصة ولم ينظر فيما خص الله به موسى عليه السلام من الرسالة وسماع كلام الله واعطائه التوراة فيها علم كل شيء وأن أنبياء بني إسرائيل كلهم داخلون تحت شريعته ومخاطبون بحكم نبوته حتى عيسى وادلة ذلك في القرآن كثيرة ويكفي من ذلك قوله تعالى يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي وسيأتي في أحاديث الأنبياء من فضائل موسى ما فيه كفاية قال والخضر وأن كان نبيا فليس برسول باتفاق والرسول أفضل من نبي ليس برسول ولو تنزلنا على أنه رسول فرسالة موسى أعظم وأمته أكثر فهو أفضل وغاية الخضر أن يكون كواحد من أنبياء بني إسرائيل وموسى أفضلهم وأن قلنا أن الخضر ليس بنبي بل ولي فالنبي أفضل من الولي وهو أمر مقطوع به عقلا ونقلا والصائر إلى خلافه كافر لأنه أمر معلوم من الشرع بالضرورة قال وإنما كانت قصة الخضر مع موسى امتحانا لموسى ليعتبر الثانية ذهب قوم من الزنادقة إلى سلوك طريقة تستلزم هدم أحكام الشريعة فقالوا أنه يستفاد من قصة موسى والخضر أن الأحكام الشرعية العامة تختص بالعامة والاغبياء وأما الأولياء والخواص فلا حاجة بهم إلى تلك النصوص بل إنما يراد منهم ما يقع في قلوبهم ويحكم عليهم بما يغلب على خواطرهم لصفاء قلوبهم عن الاكدار وخلوها عن الاغيار فتنجلي لهم العلوم الإلهية والحقائق الربانيه فيقفون على أسرار الكائنات ويعلمون الأحكام الجزئيات فيستغنون بها عن أحكام الشرائع الكليات كما اتفق للخضر فإنه استغنى بما ينجلي له من تلك العلوم عما كان عند موسى ويؤيده الحديث المشهور استفت قلبك وأن افتوك قال القرطبي وهذا القول زندقة وكفر لأنه إنكار لما علم من الشرائع فإن الله قد أجرى سنته وانفذ كلمته بان احكامه لا تعلم الا بواسطة رسله السفراء بينه وبين خلقه المبينين لشرائعه وأحكامه كما قال الله تعالى الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس وقال الله أعلم حيث يجعل رسالاته وأمر بطاعتهم في كل ما جاؤوا به وحث على طاعتهم والتمسك بما أمروا به فإن فيه الهدى وقد حصل العلم اليقين وإجماع السلف على ذلك فمن ادعى أن هناك طريقا أخرى يعرف بها أمره ونهيه غير الطرق التي جاءت بها الرسل يستغني بها عن الرسول فهو كافر يقتل ولا يستتاب قال وهي دعوى تستلزم اثبات نبوة بعد نبينا لأن من قال أنه يأخذ عن قلبه لأن الذي يقع فيه هو حكم الله وأنه يعمل بمقتضاه من غير حاجة منه إلى كتاب ولا سنة فقد أثبت