واحدة وكذا عكسه ولا فرق بين الإكراه على القول والفعل عند الجمهور ويستثنى من الفعل ما هو محرم على التأبيد كقتل النفس بغير حق واختلف في المكره هل يكلف بترك فعل ما أكره عليه أو لا فقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي انعقد الإجماع على أن المكره على القتل مأمور باجتناب القتل والدفع عن نفسه وأنه يأثم ان قتل من أكره على قتله وذلك يدل انه مكلف حالة الإكراه وكذا وقع في كلام الغزالي وغيره ومقتضى كلامهم تخصيص الخلاف بما إذا وافق داعية الإكراه داعية الشرع كالإكراه على قتل الكافر وإكراهه على الإسلام أما ما خالف فيه داعية الإكراه داعية الشرع كالإكراه على القتل فلا خلاف في جواز التكليف به وانما جرى الخلاف في تكليف الملجأ وهو من لا يجد مندوحة عن الفعل كمن ألقى من شاهق وعقله ثابت فسقط على شخص فقتله فإنه لا مندوحة له عن السقوط ولا اختيار له في عدمه وانما هو آلة محضة ولا نزاع في أنه غير مكلف إلا ما أشار إليه الآمدي من التفريع على تكليف ما لا يطاق وقد جرى الخلاف في تكليف الغافل كالنائم والناسي وهو أبعد من الملجأ لأنه لا شعور له أصلا وانما قال الفقهاء بتكليفه على معنى ثبوت الفعل في ذمته أو من جهة ربط الأحكام بالأسباب وقال القفال انما شرع سجود السهو ووجبت الكفارة على المخطئ لكون الفعل في نفسه منهيا من حيث هو لا أن الغافل نهى عنه حالة الغفلة إذ لا يمكنه التحفظ عنه واختلف فيما يهدد به فاتفقوا على القتل وإتلاف العضو والضرب الشديد والحبس الطويل واختلفوا في يسير الضرب والحبس كيوم أو يومين قوله وقول الله تعالى إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان وساق إلى عظيم وهو وعيد شديد لمن ارتد مختارا وأما من أكره على ذلك فهو معذور بالآية لأن الاستثناء من الاثبات نفي فيقتضي أن لا يدخل الذي أكره على الكفر تحت الوعيد والمشهور أن الآية المذكورة نزلت في عمار بن ياسر كما جاء من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال اخذ المشركون عمارا فعذبوه حتى قاربهم في بعض ما أرادوا فشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فقال له كيف تجد قلبك قال مطمئنا بالإيمان قال فان عادوا فعد وهو مرسل ورجاله ثقات أخرجه الطبري وقبله عبد الرزاق وعنه عبد بن حميد وأخرجه البيهقي من هذا الوجه فزاد في السند فقال عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه وهو مرسل أيضا وأخرج الطبري من طريق عطية العوفي عن بن عباس نحوه مطولا وفي سنده ضعف وفيه أن المشركين عذبوا عمارا وأباه وأمه وصهيبا وبلالا وخبابا وسالما مولى أبي حذيفة فمات ياسر وامرأته في العذاب وصبر الآخرون وفي رواية مجاهد عن بن عباس عند بن المنذر أن الصحابة لما هاجروا إلى المدينة أخذ المشركون خبابا وبلالا وعمارا فأطاعهم عمار وأبى الآخران فعذبوهما وأخرجه الفاكهي من مرسل زيد بن أسلم وان ذلك وقع من عمار عند بيعة الأنصار في العقبة وان الكفار أخذوا عمارا فسألوه عن النبي صلى الله عليه وسلّم فجحدهم خبره فأرادوا أن يعذبوه فقال هو يكفر بمحمد وبما جاء به فأعجبهم وأطلقوه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فذكر نحوه وفي سنده ضعف أيضا وأخرج عبد بن حميد من طريق بن سيرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لقي عمار بن ياسر وهو يبكي فجعل يمسح الدموع عنه ويقول أخذك المشركون فغطوك في الماء حتى قلت لهم كذا إن عادوا فعد ورجاله ثقات مع إرساله أيضا وهذه المراسيل تقوي بعضها ببعض وقد أخرج بن أبي حاتم من طريق مسلم الأعور وهو ضعيف عن مجاهد عن بن عباس قال عذب المشركون عمارا حتى قال لهم كلاما تقية فاشتد عليه الحديث وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله إلا من أكره