( قوله باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر ) .
تقدمت الإشارة إلى ذلك في الباب الذي قبله وان بلالا كان ممن اختار الضرب والهوان على التلفظ بالكفر وكذلك خباب المذكور في هذا الباب ومن ذكر معه وأن والدي عمار ماتا تحت العذاب ولما لم يكن ذلك على شرط الصحة اكتفى المصنف بما يدل عليه وذكر فيه ثلاثة أحاديث الحديث الأول حديث .
6542 - ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان الحديث وقد تقدم شرحه في كتاب الإيمان في أوائل الصحيح ووجه أخذ الترجمة منه أنه سوى بين كراهية الكفر وكراهية دخول النار والقتل والضرب والهوان أسهل عند المؤمن من دخول النار فيكون أسهل من الكفر إن اختار الأخذ بالشدة ذكره بن بطال وقال أيضا فيه حجة لأصحاب مالك وتعقبه بن التين بأن العلماء متفقون على اختيار القتل على الكفر وانما يكون حجة على من يقول إن التلفظ بالكفر أولى من الصبر على القتل ونقل عن المهلب أن قوما منعوا من ذلك واحتجوا بقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم الآية ولا حجة فيه لأنه قال تلو الآية المذكورة ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فقيده بذلك وليس من أهلك نفسه في طاعة الله ظالما ولا معتديا وقد أجمعوا على جواز تقحم المهالك في الجهاد انتهى وهذا يقدح في نقل بن التين الاتفاق المذكور وان ثم من قال بأولوية التلفظ على بذل النفس للقتل وإن كان قائل ذلك يعمم فليس بشيء وأن قيده بما لو عرض ما يرجح المفضول كما لو عرض على من إذا تلفظ به نفع متعد ظاهرا فيتجه الحديث الثاني .
6543 - قوله عباد هو بن أبي العوام فيما جزم به أبو مسعود وإسماعيل هو بن أبي خالد وقيس هو بن أبي حازم وسعيد بن زيد أي بن عمرو بن نفيل وهو بن بن عم عمر بن الخطاب بن تفيل وقد تقدم حديثه في باب إسلام سعيد بن زيد من السيرة النبوية وهو ظاهر فيما ترجم له لأن سعيدا وزوجته أخت عمر اختارا الهوان على الكفر وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة وقال الكرماني هي مأخوذة من كون عثمان اختار القتل على ما يرضى قاتليه فيكون اختياره القتل على الكفر بطريق الأولى واسم زوجته فاطمة بنت الخطاب وهي أول امرأة أسلمت بعد خديجة فيما يقال وقيل سبقتها أم الفضل زوج العباس الحديث الثالث .
6544 - قوله يحيى هو القطان وإسماعيل هو بن أبي خالد وقيس هو بن أبي حازم أيضا وخباب بفتح الخاء المعجمة وموحدتين الأولى مشددة بينهما ألف وقد تقدم شرحه مستوفى في باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلّم من المشركين بمكة من السيرة النبوية ودخوله في الترجمة من جهة أن طلب خباب الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلّم على الكفار دال على أنهم كانوا قد اعتدوا عليهم بالأذى ظلما وعدوانا قال بن بطال انما لم يجب النبي صلى الله عليه وسلّم سؤال خباب ومن معه بالدعاء على الكفار مع قوله تعالى ادعوني استجب لكم وقوله فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا لأنه علم أنه قد سبق القدر بما جرى عليهم من البلوى ليؤجروا عليها كما جرت به عادة الله تعالى في من اتبع الأنبياء فصبروا على الشدة في ذات الله ثم كانت لهم العاقبة بالنصر وجزيل الأجر قال فأما غير الأنبياء فواجب عليهم الدعاء عند كل نازلة لأنهم لم يطلعوا على ما اطلع عليه النبي صلى الله عليه وسلّم انتهى ملخصا وليس في الحديث تصريح بأنه صلى الله عليه وسلّم لم يدع لهم بل يحتمل أنه دعا وانما قال قد كان من قبلكم يؤخذ الخ تسلية لهم واشارة إلى الصبر حتى تتقضي