آخر الحروف بوزن فاعل من التيه وهو الحيرة وانما وصفه بذلك إشارة إلى أنه تمسك بالمنسوخ وغفل عن الناسخ وقد تقدم بيان مذهب بن عباس في ذلك في كتاب النكاح مستوفى قوله وقال بعض الناس إن احتال حتى تمتع فالنكاح فاسد أي أن عقد عقد نكاح متعة والفساد لا يستلزم البطلان لإمكان إصلاحه بإلغاء الشرط فيتحيل في تصحيحه بذلك كما قال في ربا الفضل إن حذفت منه الزيادة صح البيع قوله وقال بعضهم الخ تقدم أنه قول زفر وقيل إنه لم يجز إلا النكاح المؤقت وألغى الشرط وأجيب بأن نسخ المتعة ثابت والنكاح المؤقت في معنى المتعة والاعتبار عندهم في العقود بالمعاني .
( قوله باب ما يكره من الاحتيال في البيوع ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ ) .
ذكر فيه حديث أبي هريرة لا يمنع الخ وإسماعيل شيخه فيه هو بن أبي أويس وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في كتاب الشرب قال المهلب المراد رجل كان له بئر وحولها كلأ مباح وهو بفتح الكاف واللام مهموز ما يرعى فأراد الاختصاص به فيمنع فضل ماء بئره أن ترده نعم غيره للشرب وهو لا حاجة به إلى الماء الذي يمنعه وانما حاجته إلى الكلأ وهو لا يقدر على منعه لكونه غير مملوك له فيمنع الماء فيتوفر له الكلأ لأن النعم لا تستغني عن الماء بل إذا رعت الكلأ عطشت ويكون ماء غير البئر بعيدا عنها فيرغب صاحبها عن ذلك الكلأ فيتوفر لصاحب البئر بهذه الحيلة انتهى موضحا قال وفيه معنى أخر وهو أنه قد يخص أحد معاني الحديث ويسكت عن البقية لأن ظاهر الحديث اختصاص النهي بما إذا أريد به منع الكلأ فإذا لم يرد به ذلك فلا نهي عن منع الكلأ والحديث معناه لا يمنع فضل الماء بوجه من الوجوه لأنه إذا لم يمنع بسبب غيره فأحرى أن لا يمنع بسبب نفسه وفي تسميته فضلا إشارة إلى أنه إذا لم تكن زيادة عن حاجة صاحب البئر جاز لصاحب البئر منعه والله أعلم وقال بن المنير وجه مطابقة الترجمة أن الآبار التي في البوادي لمحتفرها أن يختص بما عدا فضلها من الماء بخلاف الكلأ المباح فلا اختصاص له به فلو تحيل صاحب البئر فادعى أنه لا فضل في ماء البئر عن حاجته ليتوفر له الكلأ الذي بقربه لأن صاحب الماشية حينئذ يحتاج أن يحولها إلى ماء آخر لأنها لا تستطيع الرعي على الظمأ لدخل في النهي ثم قال ولا يلزم من كون دعواه كذبا محضا أن لا يكون في كلامه تحيل على منع المباح فحجته ظاهرة فيما له فيه مقال وهو الماء تحيلا على ما لا حق له فيه ولا حجة وهو الكلأ قلت وهذا جواب عن أصل التحيل لا عن خصوص التحيل في البيع ومن ثم قال الكرماني هو من قبيل ما ترجم به وبيض له فلم يذكر فيه حديثا يريد أنه ترجم بالتحيل بالبيع وعطف عليه ولا يمنع فضل الماء وذكر الحديث المتعلق بالثاني دون الأول لكن لا يدفع هذا القدر السؤال عن حكمه إيراد منع فضل الماء في ترك الحيل ثم قال الكرماني يمكن أن يكون المنع أعم من أن يكون بطريق عدم البيع أو بغيره انتهى ويظهر أن المناسبة بينهما ما أشار إليه بن المنير لكن تمامه أن يقال إن صاحب البئر يدعي أنه لافضل في ماء البئر ليحتاج من احتاج إلى الكلأ أن يبتاع منه ماء بئره ليسقي ماشيته فيظهر