لمسلم من طريق عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال نحوه ومن طريق عمارة بن غزية عن نعيم وزاد في هذه أن أبا هريرة قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يتوضأ فأفاد رفعه وفيه رد على من زعم أن ذلك من رأى أبي هريرة بل من روايته ورأيه معا قوله أمتي أي أمة الاجابة وهم المسلمون وقد تطلق أمة محمد ويراد بها أمة الدعوه وليست مرادة هنا قوله يدعون بضم أوله أي ينادون أو يسمون قوله غرا بضم المعجمة وتشديد الراء جمع أغر أي ذو غرة وأصل الغرة لمعه بيضاء تكون في جبهة الفرس ثم استعملت في الجمال والشهره وطيب الذكر والمراد بها هنا النور الكائن في وجوه أمة محمد صلى الله عليه وسلّم وغرا منصوب على المفعوليه ليدعون أو على الحال أي إنهم إذا دعوا على رؤوس الأشهاد نودوا بهذا الوصف وكانوا على هذه الصفة قوله محجلين بالمهملة والجيم من التحجيل وهو بياض يكون في ثلاث قوائم من قوائم الفرس وأصله من الحجل بكسر المهملة وهو الخلخال والمراد به هنا أيضا النور واستدل الحليمي بهذا الحديث على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة وفيه نظر لأنه ثبت عند المصنف في قصة سارة Bها مع الملك الذي أعطاها هاجر أن سارة لما هم الملك بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي وفي قصة جريج الراهب أيضا أنه قام فتوضأ وصلى ثم كلم الغلام فالظاهر أن الذي اختصت به هذه الأمة هو الغرة والتحجيل لا أصل الوضوء وقد صرح بذلك في رواية لمسلم عن أبي هريرة أيضا مرفوعا قال سيما ليست لأحد غيركم وله من حديث حذيفة نحوه وسيما بكسر المهملة واسكان الياء الاخيره أي علامة وقد اعترض بعضهم على الحليمي بحديث هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي وهو حديث ضعيف كما تقدم لا يصح الاحتجاج به لضعفه ولاحتمال أن يكون الوضوء من خصائص الأنبياء دون اممهم الا هذه الأمة قوله من آثار الوضوء بضم الواو ويجوز فتحها على أنه الماء قاله بن دقيق العيد قوله فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل أي فليطل الغرة والتحجيل واقتصر على إحداهما لدلالتها على الأخرى نحو سرابيل تقيكم الحر واقتصر على ذكر الغرة وهي مؤنثه دون التحجيل وهو مذكر لأن محل الغرة أشرف أعضاء الوضوء وأول ما يقع عليه النظر من الإنسان على أن في رواية مسلم من طريق عمارة بن غزية ذكر الامرين ولفظه فليطل غرته وتحجيله وقال بن بطال كنى أبو هريرة بالغرة عن التحجيل لأن الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله وفيما قال نظر لأنه يستلزم قلب اللغه وما نفاه ممنوع لأن الاطالة ممكنة في الوجه بان يغسل إلى صفحة العنق مثلا ونقل الرافعي عن بعضهم أن الغرة تطلق على كل من الغرة والتحجيل ثم أن ظاهره أنه بقية الحديث لكن رواه أحمد من طريق فليح عن نعيم وفي آخره قال نعيم لا أدري قوله من استطاع الخ من قول النبي صلى الله عليه وسلّم أو من قول أبي هريرة ولم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه والله أعلم واختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل فقيل إلى المنكب والركبة وقد ثبت عن أبي هريرة رواية ورأيا وعن بن عمر من فعله أخرجه بن أبي شيبة وأبو عبيد بإسناد حسن وقيل المستحب الزيادة إلى نصف العضد والساق وقيل إلى فوق ذلك وقال بن بطال وطائفة من المالكية لا تستحب الزيادة على الكعب والمرفق لقوله صلى الله عليه وسلّم من زاد على هذا فقد أساء وظلم وكلامهم معترض من وجوه ورواية مسلم صريحة في الاستحباب فلا تعارض بالاحتمال واما دعواهم اتفاق العلماء على خلاف مذهب أبي هريرة في ذلك فهي مردودة بما نقلناه عن بن عمر وقد صرح باستحبابه جماعة من السلف وأكثر الشافعية والحنفية وأما