ومن ثم عقبه بقوله فأجاز هذا الخداع بين المسلمين والفرق عندهم أن البيع في الأول كان مبنيا على شراء الدار وهو منفسخ ويلزم عدم التقابض في المجلس فليس له ان يأخذ إلا ما أعطاه وهو الدراهم والدينار بخلاف الرد بالعيب فان البيع صحيح وانما ينفسخ باختيار المشتري وأما بيع الصرف فكان وقع صحيحا فلا يلزم من فسخ هذا بطلان هذا وقال بن بطال انما خص القدر من الذهب والفضة بالمثال لأن بيع الفضة بالذهب متفاضلا إذا كان يدا بيد جائز بالإجماع فبنى القائل أصله على ذلك فأجاز صرف عشرة دراهم ودينار بأحد عشر درهما جعل العشرة دراهم بعشرة دراهم وجعل الدينار بدرهم ومن جعل في الصورة المذكورة الدينار بعشرة آلاف ليستعظم الشفيع الثمن الذي انعقدت عليه الصيغة فيترك الأخذ بالشفعة فتسقط شفعته ولا التفات إلى ما أنقده لأن المشتري تجاوز للبائع عند النقد وخالف مالك في ذلك فقال المراعى في ذلك النقد الذي حصل في يد البائع فبه يأخذ الشفيع بدليل الإجماع على أنه في الاستحقاق والرد بالعيب لا يرجع إلا بما نقده والى ذلك أشار البخاري إلى تناقض الذي احتال في إسقاط الشفعة حيث قال فان استحقت الدار أي ان ظهر انها مستحقة لغير البائع الخ فدل على أنه موافق للجماعة في أن المشتري عند الاستحقاق لا يرد إلا ما قبضه وكذلك الحكم في الرد بالعيب انتهى ملخصا موضحا وقال الكرماني النكتة في جعله الدينار في مقابلة عشرة آلاف ودرهم ولم يجعله في مقابلة العشرة آلاف فقط لأن الثمن في الحقيقة عشرة آلاف بقرينة نقده هذا المقدار فلو جعل العشرة والدينار في مقابلة الثمن الحقيقي للزم الربا بخلاف ما إذا نقص درهما فان الدينار في مقابلة ذلك الواحد والألف إلا واحدا في مقابلة الالف إلا واحدا بغير تفاضل وقال المهلب مناسبة هذا الحديث لهذه المسألة أن الخبر لما دل على أن الجار أحق بالمبيع من غيره مراعاة لحقه لزم أن يكون أحق أن يرفق به في الثمن ولا يقام عليه عروض بأكثر من قيمتها وقد فهم الصحابي راوي الخبر هذا القدر فقدم الجار في العقد بالثمن الذي دفعه إليه على من دفع إليه أكثر منه بقدر ربعه مراعاة لحق الجار الذي أمر الشارع بمراعاته قوله فأجاز هذا الخداع أي الحيلة في إيقاع الشريك في الغبن الشديد إن أخذ بالشفعة أو إبطال حقه ان ترك خشية من الغبن في الثمن بالزيادة الفاحشة وانما أورد البخاري مسألة الاستحقاق التي مضت ليستدل بها على أنه كان قاصدا للحيلة في إبطال الشفعة وعقب بذكر مسألة الرد بالعيب ليبين أنه تحكم وكان مقتضاه أنه لا يرد إلا ما قبضه لا زائدا عليه قوله قال النبي صلى الله عليه وسلّم بيع المسلم لا داء ولا خبثة قال بن التين ضبطناه بكسر الخاء المعجمة وسكون الموحدة بعدها مثلثة وقيل هو بضم أوله لغتان قال أبو عبيد هو أن يكون البيع غير طيب كأن يكون من قوم لم يحل سبيهم لعهد تقدم لهم قال بن التين وهذا في عهدة الرقيق قلت انما خصه بذلك لأن الخبر انما ورد فيه قال والغائلة أن يأتي أمرا سرا كالتدليس ونحوه قلت والحديث المذكور طرف تقدم بكماله في أوائل كتاب البيوع من حديث العداء بفتح العين وتشديد الدال المهملتين مهموزا بن خالد أنه اشترى من النبي صلى الله عليه وسلّم عبدا أو أمة وكتب له العهدة هذا ما اشترى العداء من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم عبدا أو أمة لا داء ولا غائلة ولاخبثة بيع المسلم للمسلم وسنده حسن وله طرق إلى العداء وذكر هناك تفسير الغائلة بالسرقة والإباق ونحوهما من قول قتادة قال بن بطال فيستفاد من هذا الخبر انه لا يجوز الاحتيال في شيء من بيوع المسلمين بالصرف المذكور ولا غيره قلت ووجهه أن الحديث وان كان لفظه لفظ الخبر لكن معناه