والطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في تفسير هذه الآية قال أرى النبي صلى الله عليه وسلّم وهو بالحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه محلقين قال فلما نحر الهدى بالحديبية قال أصحابه أين رؤياك فنزلت وقوله فجعل من دون ذلك فتحا قريبا قال النحر بالحديبية فرجعوا ففتحوا خيبر أي المراد بقوله ذلك النحر والمراد بالفتح فتح خيبر قال ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة وقد أخرج بن مردويه في التفسير بسند ضعيف عن بن عباس في هذه الآية قال تأويل رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في عمرة القضاء واختلف في معنى قوله ان شاء الله في الآية فقيل هي إشارة إلى أنه لا يقع شيء الا بمشيئة الله تعالى وقيل هي حكاية لما قيل للنبي صلى الله عليه وسلّم في منامه وقيل هي على سبيل التعليم لمن أراد أن يفعل شيئا مستقبلا كقوله تعالى ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله وقيل هي على سبيل الاستثناء من عموم المخاطبين لأن منهم من مات قبل ذلك أو قتل .
6582 - قوله عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال سيأتي بعد باب من وجه آخر عن أنس عن عبادة بن الصامت ويأتي بيانه هناك قوله الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح هذا يقيد ما أطلق في غير هذه الرواية كقوله رؤيا المؤمن جزء ولم يقيدها بكونها حسنة ولا بأن رائيها صالح ووقع في حديث أبي سعيد الرؤيا الصالحة وهو تفسير المراد بالحسنة هنا قال المهلب المراد غالب رؤيا الصالحين وإلا فالصالح قد يرى الاضغاث ولكنه نادر لقلة تمكن الشيطان منهم بخلاف عكسهم فان الصدق فيها نادر لغلبة تسلط الشيطان عليهم قال فالناس على هذا ثلاث درجات الأنبياء ورؤياهم كلها صدق وقد يقع فيها ما يحتاج إلى تعبير والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير ومن عداهم يقع في رؤياهم الصدق والاضغاث وهي على ثلاثة أقسام مستورون فالغالب استواء الحال في حقهم وفسقة والغالب على رؤياهم الاضغاث ويقل فيها الصدق وكفار ويندر في رؤياهم الصدق جدا ويشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلّم وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وستأتي الإشارة إليه في باب القيد في المنام إن شاء الله تعالى وقد وقعت الرؤيا الصادقة من بعض الكفار كما في رؤيا صاحبي السجن مع يوسف عليه السلام ورؤيا ملكهما وغير ذلك وقال القاضي أبو بكر بن العربي رؤيا المؤمن الصالح هي التي تنسب إلى أجزاء النبوة ومعنى صلاحها استقامتها وانتظامها قال وعندي أن رؤيا الفاسق لا تعد في أجزاء النبوة وقيل تعد من أقصى الأجزاء وأما رؤيا الكافر فلا تعد أصلا وقال القرطبي المسلم الصادق الصالح هو الذي يناسب حاله حال الأنبياء فأكرم بنوع مما أكرم به الأنبياء وهو الاطلاع على الغيب وأما الكافر والفاسق والمخلط فلا ولو صدقت رؤياهم أحيانا فذاك كما قد يصدق الكذوب وليس كل من حدث عن غيب يكون خبره من أجزاء النبوة كالكاهن والمنجم وقوله من الرجل ذكر للغالب فلا مفهوم له فان المرأة الصالحة كذلك قاله بن عبد البر قوله جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة كذا وقع في أكثر الأحاديث ولمسلم من حديث أبي هريرة جزء من خمسة وأربعين أخرجه من طريق أيوب عن محمد بن سيرين عنه وسيأتي للمصنف من طريق عوف عن محمد بلفظ ستة كالجادة ووقع عند مسلم أيضا من حديث بن عمر جزء من سبعين جزءا وكذا أخرجه بن أبي شيبة عن بن مسعود موقوفا وأخرجه الطبراني من وجه آخر عنه مرفوعا وله من وجه آخر عنه جزء من ستة وسبعين وسندها ضعيف وأخرجه بن أبي