وأخرجه النسائي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان خالد بن الوليد يفزع في منامه فذكر نحوه وزاد في أوله إذا اضطجعت فقل باسم الله فذكره وأصله عند أبي داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه واستثنى الداودي من عموم قوله إذا رأى ما يكره ما يكون في الرؤيا الصادقة لكونها قد تقع إنذارا كما تقع تبشيرا وفي الإنذار نوع ما يكرهه الرائي فلا يشرع إذا عرف انها صادقة ما ذكره من الاستعاذة ونحوها واستند إلى ما ورد من مرائي النبي صلى الله عليه وسلّم كالبقر التي تنحر ونحو ذلك ويمكن أن يقال لا يلزم من ترك الاستعاذة في الصادقة أن لا يتحول عن جنبه ولا أن لا يصلي فقد يكون ذلك سببا لدفع مكروه الإنذار مع حصول مقصود الإنذار وأيضا فالمنذورة قد ترجع إلى معنى المبشرة لأن من أنذر بما سيقع له ولو كان لا يسره أحسن حالا ممن هجم عليه ذلك فإنه ينزعج ما لا ينزعج من كان يعلم بوقوعه فيكون ذلك تخفيفا عنه ورفقا به قال الحكيم الترمذي الرؤيا الصادقة أصلها حق تخبر عن الحق وهو بشرى وانذار ومعاتبة لتكون عونا لما ندب إليه قال وقد كان غالب أمور الأولين الرؤيا إلا أنها قلت في هذه الأمة لعظم ما جاء به نبيها من الوحي ولكثرة من في أمته من الصديقين من المحدثين بفتح الدال وأهل اليقين فاكتفوا بكثرة الإلهام والملهمين عن كثرة الرؤيا التي كانت في المتقدمين وقال القاضي عياض يحتمل قوله الرؤيا الحسنة والصالحة أن يرجع إلى حسن ظاهرها أو صدقها كما أن قوله الرؤيا المكروهة أو السوء يحتمل سوء الظاهر أو سوء التأويل وأما كتمها مع أنها قد تكون صادقة فخفيت حكمته ويحتمل أن يكون لمخافة تعجيل اشتغال سر الرائي بمكروه تفسيرها لأنها قد تبطئ فإذا لم يخبر بها زال تعجيل روعها وتخويفها ويبقى إذا لم يعبرها له أحد بين الطمع في أن لها تفسيرا حسنا أو الرجاء في أنها من الاضغاث فيكون ذلك أسكن لنفسه واستدل بقوله ولا يذكرها على أن الرؤيا تقع على ما يعبر به وسيأتي البحث في ذلك في باب إذا رأى ما يكره إن شاء الله تعالى واستدل به على أن للوهم تأثيرا في النفوس لأن التفل وما ذكر معه يدفع الوهم الذي يقع في النفس من الرؤيا فلو لم يكن للوهم تأثير لما أرشد إلى ما يدفعه وكذا في النهي عن التحديث بما يكره لمن يكره والأمر بالتحديث بما يحب لمن يحب قوله في حديث أبي سعيد وإذا رأى غير ذلك مما يكره فانما هي من الشيطان ظاهر الحصر أن الرؤيا الصالحة لا تشتمل على شيء مما يكرهه الرائي ويؤيده مقابلة رؤيا البشرى بالحلم وإضافة الحلم إلى الشيطان وعلى هذا ففي قول أهل التعبير ومن تبعهم ان الرؤيا الصادقة قد تكون بشرى وقد تكون انذارا نظر لأن الإنذار غالبا يكون فيما يكره الرائي ويمكن الجمع بأن الإنذار لا يستلزم وقوع المكروه كما تقدم تقريره وبأن المراد بما يكره ما هو أعم من ظاهر الرؤيا ومما تعبر به وقال القرطبي في المفهم ظاهر الخبر أن هذا النوع من الرؤيا يعني ما كان فيه تهويل أو تخويف أو تحزين هو المأمور بالاستعاذة منه لأنه من تخيلات الشيطان فإذا استعاذ الرائي منه صادقا في التجائه إلى الله وفعل ما أمر به من التفل والتحول والصلاة أذهب الله عنه ما به وما يخافه من مكروه ذلك ولم يصبه منه شيء وقيل بل الخبر على عمومه فيما يكرهه الرائي بتناول ما يتسبب به الشيطان وما لا تسبب له فيه وفعل الأمور المذكورة مانع من وقوع المكروه كما جاء أن الدعاء يدفع البلاء والصدقة تدفع ميتة السوء وكل ذلك بقضاء الله وقدره ولكن الأسباب عادات لا موجودات وأما ما يرى أحيانا مما يعجب الرائي ولكنه لا يجده في اليقظة ولا ما يدل عليه فإنه يدخل في قسم آخر وهو ما كان الخاطر به مشغولا قبل النوم ثم يحصل النوم فيراه فهذا قسم لا يضر ولا ينفع