قتل عثمان بقليل فأدرك بعض الزمن الذي وقع فيه التغير فأشار إليه قال بن التين الأمانة كل ما يخفى ولا يعلمه الا الله من المكلف وعن بن عباس هي الفرائض التي أمروا بها ونهوا عنها وقيل هي الطاعة وقيل التكاليف وقيل العهد الذي أخذه الله على العباد وهذا الاختلاف وقع في تفسير الأمانة المذكورة في الآية إنا عرضنا الأمانة وقال صاحب التحرير الأمانة المذكورة في الحديث هي الأمانة المذكورة في الآية وهي عين الإيمان فإذا استمكنت في القلب قام بأداء ما أمر به واجتنب ما نهي عنه وقال بن العربي المراد بالأمانة في حديث حذيفة الإيمان وتحقيق ذلك فيما ذكر من رفعها ان الأعمال السيئة لا تزال تضعف الإيمان حتى إذا تناهى الضعف لم يبق الا أثر الإيمان وهو التلفظ باللسان والاعتقاد الضعيف في ظاهر القلب فشبهه بالأثر في ظاهر البدن وكنى عن ضعف الإيمان بالنوم وضرب مثلا لزهوق الإيمان عن القلب حالا بزهوق الحجر عن الرجل حتى يقع بالأرض قوله ولا أبالي أيكم بايعت تقدم في الرقاق ان مراده المبايعة في السلع ونحوها لا المبايعة بالخلافة ولا الامارة وقد اشتد إنكار أبي عبيد وغيره على من حمل المبايعة هنا على الخلافة وهو واضح ووقع في عبارته ان حذيفة كان لا يرضى بأحد بعد عمر يعني في الخلافة وهي مبالغة والا فقد كان عثمان ولاه على المدائن وقد قتل عثمان وهو عليها وبايع لعلي وحرض على المبايعة له والقيام في نصره ومات في أوائل خلافته كما مضى في باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما والمراد انه لوثوقه بوجود الأمانة في الناس أولا كان يقدم على مبايعة من اتفق من غير بحث عن حاله فلما بدأ التغير في الناس وظهرت الخيانة صار لا يبايع الا من يعرف حاله ثم أجاب عن إيراد مقدر كأن قائلا قال له لم تزل الخيانة موجودة لأن الوقت الذي أشرت إليه كان أهل الكفر فيه موجودين وهم أهل الخيانة فأجاب بأنه وان كان الأمر كذلك لكنه كان يثق بالمؤمن لذاته وبالكافر لوجود ساعيه وهو الحاكم الذي يحكم عليه وكانوا لا يستعملون في كل عمل قل أو جل الا المسلم فكان واثقا بانصافه وتخليص حقه من الكافر ان خانه بخلاف الوقت الأخير الذي أشار إليه فإنه صار لا يبايع الا أفرادا من الناس يثق بهم وقال بن العربي قال حذيفة هذا القول لما تغيرت الأحوال التي كان يعرفها على عهد النبوة والخليفتين فأشار إلى ذلك بالمبايعة وكنى عن الإيمان بالأمانة وعما يخالف احكامه بالخيانة والله اعلم