ويعود غريبا كما بدأ ثم ذكر حديث لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق الحديث قال فتبين في هذا الحديث تخصيص الأخبار الأخرى وان الطائفة التي تبقى على الحق تكون ببيت المقدس إلى ان تقوم الساعة قال فبهذا تأتلف الأخبار قلت ليس فيما احتج به تصريح إلى بقاء أولئك إلى قيام الساعة وانما فيه حتى يأتي أمر الله فيحتمل ان يكون المراد بأمر الله ما ذكر من قبض من بقى من المؤمنين وظواهر الاخبار تقتضي ان الموصوفين بكونهم ببيت المقدس ان آخرهم من كان مع عيسى عليه السلام ثم إذا بعث الله الريح الطيبة فقبضت روح كل مؤمن لم يبق الا شرار الناس وقد أخرج مسلم من حديث بن مسعود رفعه لا تقوم الساعة الا على شرار الناس وذلك انما يقع بعد طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وسائر الآيات العظام وقد ثبت ان الآيات العظام مثل السلك إذا انقطع تناثر الخرز بسرعة وهو عند احمد وفي مرسل أبي العالية الآيات كلها في ستة أشهر وعن أبي هريرة في ثمانية أشهر وقد أورد مسلم عقب حديث أبي هريرة من حديث عائشة ما يشير إلى بيان الزمان الذي يقع فيه ذلك ولفظه لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى وفيه يبعث الله ريحا طيبة فتوفي كل من في قلبه مثقال حبة من خردل من ايمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم وعنده في حديث عبد الله بن عمرو رفعه يخرج الدجال في أمتي الحديث وفيه فيبعث الله عيسى بن مريم فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال حبة من خير أو ايمان الا قبضته وفيه فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيأمرهم بعبادة الأوثان ثم ينفخ في الصور فظهر بذلك ان المراد بأمر الله في حديث لا تزال طائفة وقوع الآيات العظام التي يعقبها قيام الساعة ولا يتخلف عنها الا شيئا يسيرا ويؤيده حديث عمران بن حصين رفعه لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال أخرجه أبو داود والحاكم ويؤخذ منه صحة ما تأولته فان الذين يقاتلون الدجال يكونون بعد قتله مع عيسى ثم يرسل عليهم الريح الطيبة فلا يبقى بعدهم الا الشرار كما تقدم ووجدت في هذا مناظرة لعقبة بن عامر ومحمد بن مسلمة فأخرج الحاكم من رواية عبد الرحمن بن شماسة ان عبد الله بن عمرو قال لا تقوم الساعة الا على شرار الخلق هم شر من أهل الجاهلية فقال عقبة بن عامر عبد الله أعلم ما يقول واما انا فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك فقال عبد الله أجل ويبعث الله ريحا ريحها ريح المسك ومسها مس الحرير فلا تترك أحدا في قلبه مثقال حبة من ايمان الا قبضته ثم يبقى شرار الناس فعليهم تقوم الساعة فعلى هذا فالمراد بقوله في حديث عقبة حتى تأتيهم الساعة ساعتهم هم وهي وقت موتهم بهبوب الريح والله أعلم وقد تقدم بيان شيء من هذا في أواخر الرقاق عند الكلام على حديث طلوع الشمس من المغرب الحديث الثاني .
6700 - قوله حدثنا عبد العزيز بن عبد الله هو الأويسي وسليمان هو بن بلال وثور هو بن زيد وأبو الغيث هو سالم والسند كله مدنيون قوله حتى يخرج رجل من قحطان تقدم شرحه في أوائل مناقب قريش قال القرطبي في التذكرة قوله يسوق الناس بعصاه كناية عن غلبته عليهم وانقيادهم له ولم يرد نفس العصا لكن في ذكرها إشارة إلى خشونته عليهم وعسفه بهم قال وقد قيل انه يسوقهم بعصاه حقيقة كما تساق الإبل والماشية لشدة عنفه وعدوانه قال ولعله