ما أخرجه مسلم من وجه آخر عن أبي هريرة رفعه تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الاسطوان من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا قال بن التين انما نهي عن الأخذ منه لأنه للمسلمين فلا يؤخذ الا بحقه قال ومن أخذه وكثر المال ندم لأخذه مالا ينفعه وإذا ظهر جبل من ذهب كسد الذهب ولم يرد قلت وليس الذي قاله ببين والذي يظهر ان النهي عن اخذه لما ينشأ عن اخذه من الفتنة والقتال عليه وقوله وإذا ظهر جبل من ذهب الخ في مقام المنع وانما يتم ما زعم من الكساد ان لو اقتسمه الناس بينهم بالسوية ووسعهم كلهم فاستغنوا أجمعين فحينئذ تبطل الرغبة فيه واما إذا حواه قوم دون قوم فحرص من لم يحصل له منه شيء باق على حاله ويحتمل ان تكون الحكمة في النهي عن الأخذ منه لكونه يقع في آخر الزمان عند الحشر الواقع في الدنيا وعند عدم الظهور أو قلته فلا ينتفع بما أخذ منه ولعل هذا هو السر في إدخال البخاري له في ترجمة خروج النار ثم ظهر لي رجحان الاحتمال الأول لأن مسلما أخرج هذا الحديث أيضا من طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ يحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقتل عليه الناس فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون ويقول كل رجل منهم لعلي أكون انا الذي أنجو وأخرج مسلم أيضا عن أبي بن كعب قال لا يزال الناس مختلفة اعناقهم في طلب الدنيا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول يوشك ان يحسر الفرات عن جبل من ذهب فإذا سمع به الناس ساروا إليه فيقول من عنده لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله قال فيقتتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون فبطل ما تخيله بن التين وتوجه التعقب عليه ووضح ان السبب في النهي عن الأخذ منه ما يترتب على طلب الأخذ منه من الاقتتال فضلا عن الأخذ ولا مانع ان يكون ذلك عند خروج النار للمحشر لكن ليس ذلك السبب في النهي عن الأخذ منه وقد أخرج بن ماجة عن ثوبان رفعه قال يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم بن خليفة فذكر الحديث في المهدي فهذا ان كان المراد بالكنز فيه الكنز الذي في حديث الباب دل على انه انما يقع عند ظهور المهدي وذلك قبل نزول عيسى وقبل خروج النار جزما والله اعلم تنبيه وقع عند احمد وبن ماجة من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مثل حديث الباب إلى قوله من ذهب فيقتتل عليه الناس فيقتل من كل عشرة تسعة وهي رواية شاذة والمحفوظ ما تقدم من عند مسلم وشاهده من حديث أبي بن كعب من كل مائة تسعة وتسعون ويمكن الجمع باختلاف تقسيم الناس إلى قسمين