على هذا القول بعد ثبوت حديث الأئمة من قريش وعمل المسلمون به قرنا بعد قرن وانعقد الإجماع على اعتبار ذلك قبل ان يقع الاختلاف قلت قد عمل بقول ضرار من قبل ان يوجد من قام بالخلافة من الخوارج على بني أمية كقطري بفتح القاف والطاء المهملة ودامت فتنتهم حتى ابادهم المهلب بن أبي صفرة أكثر من عشرين سنة وكذا تسمى بأمير المؤمنين من غير الخوارج ممن قام على الحجاج كابن الأشعث ثم تسمى بالخلافة من قام في قطر من الأقطار في وقت ما فتسمى بالخلافة وليس من قريش كبني عباد وغيرهم بالأندلس كعبد المؤمن وذريته ببلاد المغرب كلها وهؤلاء ضاهوا الخوارج في هذا ولم يقولوا بأقوالهم ولا تمذهبوا بأرائهم بل كانوا من أهل السنة داعين إليها وقال عياض اشتراط كون الامام قرشيا مذهب العلماء كافة وقد عدوها في مسائل الإجماع ولم ينقل عن أحد من السلف فيها خلاف وكذلك من بعدهم في جميع الأمصار قال ولا اعتداد بقول الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة لما فيه من مخالفة المسلمين قلت ويحتاج من نقل الإجماع إلى تأويل ما جاء عن عمر من ذلك فقد أخرج احمد عن عمر بسند رجاله ثقات انه قال ان ادركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته فذكر الحديث وفيه فان أدركني أجلي وقد مات أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل الحديث ومعاذ بن جبل أنصاري لا نسب له في قريش فيحتمل ان يقال لعل الإجماع انعقد بعد عمر على اشتراط ان يكون الخليفة قرشيا أو تغير اجتهاد عمر في ذلك والله أعلم واما ما احتج به من لم يعين الخلافة في قريش من تأمير عبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة وأسامة وغيرهم في الحروب فليس من الإمامة العظمى في شيء بل فيه انه يجوز للخليفة استنابة غير القرشي في حياته والله اعلم واستدل بحديث بن عمر على عدم وقوع ما فرضه الفقهاء من الشافعية وغيرهم انه إذا لم يوجد قرشي يستخلف كناني فان لم يوجد فمن بني إسماعيل فان لم يوجد منهم أحد مستجمع الشرائط فعجمي وفي وجه جرهمي والا فمن ولد إسحاق قالوا وانما فرض الفقهاء ذلك على عادتهم في ذكر ما يمكن ان يقع عقلا وان كان لا يقع عادة أو شرعا قلت والذي حمل قائل هذا القول عليه انه فهم منه الخبر المحض وخبر الصادق لا يتخلف واما من حمله على الأمر فلا يحتاج إلى هذا التأويل واستدل بقوله قدموا قريشا ولا تقدموها وبغيره من أحاديث الباب على رجحان مذهب الشافعي لورود الأمر بتقديم القرشي على من ليس قرشيا قال عياض ولا حجة فيها لأن المراد بالأئمة في هذه الأحاديث الخلفاء والا فقد قدم النبي صلى الله عليه وسلّم سالما مولى أبي حذيفة في امامة الصلاة ووراءه جماعة من قريش وقدم زيد بن حارثة وابنه أسامة بن زيد ومعاذ بن جبل وعمرو بن العاص في التأمير في كثير من البعوث والسرايا ومعهم جماعة من قريش وتعقبه النووي وغيره بان في الأحاديث ما يدل على ان للقرشي مزية على غيره فيصح الاستدلال به لترجيح الشافعي على غيره وليس مراد المستدل به ان الفضل لا يكون الا للقرشي بل المراد ان كونه قرشيا من أسباب الفضل والتقدم كما ان من أسباب الفضل والتقدم الورع والفقه والقراءة والسن وغيرها فالمستويان في جميع الخصال إذا اختص أحدهما بخصلة منها دون صاحبه ترجح عليه فيصح الاستدلال على تقديم الشافعي على من ساواه في العلم والدين من غير قريش لأن الشافعي قرشي وعجب قول القرطبي في المفهم بعد ان ذكر ما ذكره عياض ان المستدل بهذه الأحاديث على ترجيح الشافعي صحبته غفلة قارنها من صميم التقليد طيشه كذا قال ولعل الذي أصابته الغفلة من لم يفهم مراد المستدل والعلم عند الله تعالى