حقيقته والا لزم الخلف لأن الناس حسدوا في غير هاتين الخصلتين وغبطوا من فيه سواهما فليس هو خبرا وانما المراد به الحكم ومعناه حصر المرتبة العليا من الغبطة في هاتين الخصلتين فكأنه قال هما آكد القربات التي يغبط بها وليس المراد نفي أصل الغبطة مما سواهما فيكون من مجاز التخصيص أي لا غبطة كاملة التأكيد لتأكيد أجر متعلقها إلا الغبطة بهاتين الخصلتين وقال الكرماني الخصلتان المذكورتان هنا غبطة لا حسد لكن قد يطلق أحدهما على الاخر أو المعنى لا حسد الا فيهما وما فيهما ليس بحسد فلا حسد فهو كما قيل في قوله تعالى لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الأولى وفي الحديث الترغيب في ولاية القضاء لمن استجمع شروطه وقوي على أعمال الحق ووجد له اعوانا لما فيه من الأمر بالمعروف ونصر المظلوم واداء الحق لمستحقه وكف يد الظالم والاصلاح بين الناس وكل ذلك من القربات ولذلك تولاه الأنبياء ومن بعدهم من الخلفاء الراشدين ومن ثم اتفقوا على انه من فروض الكفاية لأن أمر الناس لا يستقيم بدونه فقد أخرج البيهقي بسند قوي أن أبا بكر لما ولي الخلافة ولى عمر القضاء وبسند آخر قوى ان عمر استعمل عبد الله بن مسعود على القضاء وكتب عمر إلى عماله استعملوا صالحيكم على القضاء وأكفوهم وبسند آخر لين ان معاوية سأل أبا الدرداء وكان يقضي بدمشق من لهذا الأمر بعدك قال فضالة بن عبيد وهؤلاء من أكابر الصحابة وفضلائهم وانما فر منه من فر خشية العجز عنه وعند عدم المعين عليه وقد يتعارض الأمر حيث يقع تولية من يشتد به الفساد إذا امتنع المصلح والله المستعان وهذا حيث يكون هناك غيره ومن ثم كان السلف يمتنعون منه ويفرون إذا طلبوا له واختلفوا هل يستحب لمن استجمع شرائطه وقوي عليه أولا والثاني قول الأكثر لما فيه من الخطر والغرر ولما ورد فيه من التشديد وقال بعضهم ان كان من أهل العلم وكان خاملا بحيث لا يحمل عنه العلم أو كان محتاجا وللقاضي رزق من جهة ليست بحرام استحب له ليرجع إليه في الحكم بالحق وينتفع بعلمه وان كان مشهورا فالأولى له الإقبال على العلم والفتوى واما ان لم يكن في البلد من يقوم مقامه فإنه يتعين عليه لكونه من فروض الكفاية لا يقدر على القيام به غيره فيتعين عليه وعن احمد لا يأثم لأنه لا يجب عليه إذا اضر به نفع غيره ولا سيما من لا يمكنه عمل الحق لانتشار الظلم