كأبي الدرداء في الشام وبن مسعود في الكوفة وفيه ان الشركاء في الشيء إذا وقع بينهم التنازع في أمر من الأمور يسندون أمرهم إلى واحد ليختار لهم بعد أن يخرج نفسه من ذلك الأمر وفيه ان من أسند إليه ذلك يبذل وسعه في الاختيار ويهجر أهله وليله اهتماما بما هو فيه حتى يكمله وقال بن المنير في الحديث دليل على ان الوكيل المفوض له أن يوكل وان لم ينص له على ذلك لأن الخمسة أسندوا الأمر لعبد الرحمن وأفردوه به فاستقل مع ان عمر لم ينص لهم على الانفراد قال وفيه تقوية لقول الشافعي في المسألة الفلانية قولان أي انحصر الحق عندي فيهما وانا في مهلة النظر في التعيين وفيه ان احداث قول زائد على ما اجمع عليه لا يجوز وهو كاحداث سابع في أهل الشورى قال وفي تأخير عبد الرحمن مؤامرة عثمان عن مؤامرة علي سياسة حسنة منتزعة من تأخير يوسف تفتيش رحل أخيه في قصة الصاع ابعادا للتهمة وتغطية للحدس لأنه رأى ان لا ينكشف اختياره لعثمان قبل وقوع البيعة .
( قوله باب من بايع مرتين ) .
أي في حالة واحدة .
6782 - قوله عن سلمة تقدم في باب البيعة في الحرب من كتاب الجهاد من رواية المكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بأتم من هذا السياق وفيه بايعت النبي صلى الله عليه وسلّم ثم عدلت إلى ظل شجرة فلما خف الناس قال يا بن الأكوع ألا تبايع قوله قد بايعت في الأول قال وفي الثاني والمراد بذلك الوقت وفي رواية الكشميهني في الأولى بالتأنيث قال وفي الثانية والمراد الساعة أو الطائفة ووقع في رواية مكي فقلت قد بايعت يا رسول الله قال وأيضا فبايعته الثانية وزاد فقلت له يا أبا مسلم على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ قال على الموت وقد تقدم البحث في ذلك هناك وقال المهلب فيما ذكره بن بطال أراد أن يؤكد بيعة سلمة لعلمه بشجاعته وعنائه في الإسلام وشهرته بالثبات فلذلك امره بتكرير المبايعة ليكون له في ذلك فضيلة قلت ويحتمل ان يكون سلمة لما بادر إلى المبايعة ثم قعد قريبا واستمر الناس يبايعون إلى ان خفوا أراد صلى الله عليه وسلّم منه ان يبايع لتتوالى المبايعة معه ولا يقع فيها تخلل لأن العادة في مبدأ كل أمر أن يكثر من يباشره فيتوالى فإذا تناهى قد يقع بين من يجيء آخرا تخلل ولا يلزم من ذلك اختصاص سلمة بما ذكر والواقع ان الذي أشار إليه بن بطال من حال سلمة في الشجاعة وغيرها لم يكن ظهر بعد لأنه انما وقع منه بعد ذلك في غزوة ذي قرد حيث استعاد السرح الذي كان المشركون اغاروا عليه فاستلب ثيابهم وكان آخر أمره أن أسهم له النبي صلى الله عليه وسلّم سهم الفارس والراجل فالأولى أن يقال تفرس فيه النبي صلى الله عليه وسلّم ذلك فبايعه مرتين وأشار بذلك إلى انه سيقوم في الحرب مقام رجلين فكان كذلك وقال بن المنير يستفاد من هذا الحديث ان اعادة لفظ العقد في النكاح وغيره ليس فسخا للعقد الأول خلافا لمن زعم ذلك من الشافعية قلت الصحيح عندهم انه لا يكون فسخا كما قال الجمهور