فكأنه ما وقف عليه بدليل ان في كلامه زيادة لم يشتمل عليها كلامه وينتظم من مجموع ما ذكراه أوجه أرجحها الثالث من أوجه القاضي لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة كلهم يجتمع عليه الناس وإيضاح ذلك ان المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته والذي وقع ان الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إلى ان وقع أمر الحكمين في صفين فسمى معاوية يومئذ بالخلافة ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ثم اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى ان اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل بن الزبير ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين ثم قاموا عليه فقتلوه وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ ولم يتفق ان يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك لأن يزيد بن الوليد الذي قام على بن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته بل ثار عليه قبل ان يموت بن عم أبيه مروان بن محمد بن مروان ولما مات يزيد ولى أخوه إبراهيم فغلبه مروان ثم ثار على مروان بنو العباس إلى ان قتل ثم كان أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه ثم ولى أخوه المنصور فطالت مدته لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى ان تسموا بالخلافة بعد ذلك وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض إلى ان لم يبق من الخلافة الا الاسم في بعض البلاد بعد ان كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع اقطار الأرض شرقا وغربا وشمالا ويمينا مما غلب عليه المسلمون ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الامارة على شيء منها الا بأمر الخليفة ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك فعلى هذا يكون المراد بقوله ثم يكون الهرج يعني القتل الناشئ عن الفتن وقوعا فاشيا يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام وكذا كان والله المستعان والوجه الذي ذكره بن المنادى ليس بواضح ويعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده رفعه سيكون من بعدي خلفاء ثم من بعد الخلفاء امراء ومن بعد الأمراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم يؤمر القطحاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه فهذا يرد على ما نقله بن المنادى من كتاب دانيال وأما ما ذكره عن أبي صالح فواه جدا وكذا عن كعب وأما محاولة بن الجوزي الجمع بين حديث تدور رحى الإسلام وحديث الباب ظاهر التكلف والتفسير الذي فسره به الخطابي ثم الخطيب بعيد والذي يظهر ان المراد بقوله تدور رحى الإسلام ان تدوم على الاستقامة وان ابتداء ذلك من أول البعثة النبوية فيكون انتهاء المدة بقتل عمر في ذي الحجة سنة أربع وعشرين من الهجرة فإذا انضم إلى ذلك اثنتا عشرة سنة وستة أشهر من المبعث في رمضان كانت المدة خمسا وثلاثين سنة وستة أشهر فيكون ذلك جميع المدة النبوية ومدة الخليفتين بعده خاصة ويؤيد حديث حذيفة الماضي قريبا الذي يشير إلى ان باب الأمن من الفتنة يكسر بقتل عمر فيفتح باب الفتن وكان الأمر على ما ذكر وأما قوله في بقية الحديث فان يهلكوا فسبيل من هلك وان لم يقم لهم دينهم يقم سبعين سنة فيكون المراد بذلك انقضاء أعمارهم وتكون المدة سبعين سنة إذا جعل ابتداؤها من أول سنة ثلاثين عند انقضاء ست سنين من خلافة عثمان فان ابتداء الطعن فيه إلى ان آل الأمر إلى قتله كان بعد ست سنين مضت من خلافته