لا يستند إلى أصل من الدين وهو كنحو قول علي فيما أخرجه أبو داود بسند حسن لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه والسبب في قول سهل ذلك ما تقدم بيانه في استتابة المرتدين ان أهل الشام لما استشعروا ان أهل العراق شارفوا ان يغلبوهم وكان أكثر أهل العراق من القراء الذين يبالغون في التدين ومن ثم صار منهم الخوارج الذين مضى ذكرهم فأنكروا على علي ومن أطاعه الإجابة إلى التحكيم فاستند علي إلى قصة الحديبية وان النبي صلى الله عليه وسلّم أجاب قريشا إلى المصالحة مع ظهور غلبته لهم وتوقف بعض الصحابة أولا حتى ظهر لهم ان الصواب ما أمرهم به كما مضى بيانه مفصلا في الشروط وأول الكرماني كلام سهل بن حنيف بحسب ما احتمله اللفظ فقال كأنهم اتهموا سهلا بالتقصير في القتال حينئذ فقال لهم بل اتهموا أنتم رأيكم فاني لا أقصر كما لم أكن مقصرا يوم الحديبية وقت الحاجة فكما توقفت يوم الحديبية من اجل اني لا أخالف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلّم كذلك أتوقف اليوم لأجل مصلحة المسلمين وقد جاء عن عمر نحو قول سهل ولفظه اتقوا الرأي في دينكم أخرجه البيهقي في المدخل هكذا مختصرا وأخرجه هو والطبري والطبراني مطولا بلفظ اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلّم برأيي اجتهادا فوالله ما آلو عن الحق وذلك يوم أبى جندل حتى قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم تراني أرضى وتأبى والحاصل ان المصير إلى الرأي انما يكون عند فقد النص والى هذا يومئ قول الشافعي فيما أخرجه البيهقي بسند صحيح إلى احمد بن حنبل سمعت الشافعي يقول القياس عند الضرورة ومع ذلك فليس العامل برأيه على ثقة من انه وقع على المراد من الحكم في نفس الأمر وانما عليه بذل الوسع في الاجتهاد ليؤجر ولو أخطأ وبالله التوفيق وأخرج البيهقي في المدخل وبن عبد البر في بيان العلم عن جماعة من التابعين كالحسن وبن سيرين وشريح والشعبي والنخعي بأسانيد جياد ذم القول بالرأي المجرد ويجمع ذلك كله حديث أبي هريرة لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به أخرجه الحسن بن سفيان وغيره ورجاله ثقات وقد صححه النووي في آخر الأربعين واما ما أخرجه البيهقي من طريق الشعبي عن عمرو بن حريث عن عمر قال إياكم وأصحاب الرأي فانهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث ان يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا فظاهر في انه أراد ذم من قال بالرأي مع وجود النص من الحديث لإغفاله التنقيب عليه فهلا يلام وأولى منه باللوم من عرف النص وعمل بما عارضه من الرأي وتكلف لرده بالتأويل والى ذلك الإشارة بقوله في الترجمة وتكلف القياس والله اعلم وقال بن عبد البر في بيان العلم بعد ان ساق آثارا كثيرة في ذم الرأي ما ملخصه اختلف العلماء في الرأي المقصود إليه بالذم في هذه الآثار مرفوعها وموقوفها ومقطوعها فقالت طائفة هو القول في الاعتقاد بمخالفة السنن لأنهم استعملوا آراءهم واقيستهم في رد الأحاديث حتى طعنوا في المشهور منها الذي بلغ التواتر كاحاديث الشفاعة وأنكروا ان يخرج أحد من النار بعد ان يدخلها وأنكروا الحوض والميزان وعذاب القبر إلى غير ذلك من كلامهم في الصفات والعلم والنظر وقال أكثر أهل العلم الرأي المذموم الذي لا يجوز النظر فيه ولا الاشتغال به هو ما كان في نحو ذلك من ضروب البدع ثم أسند عن احمد بن حنبل قال لا تكاد ترى أحدا نظر في الرأي الا وفي قلبه دغل قال وقال جمهور أهل العلم الرأي المذموم في الآثار المذكورة هو القول في الأحكام بالاستحسان والتشاغل بالأغلوطات ورد الفروع بعضها إلى بعض دون ردها إلى أصول السنن وأضاف كثير منهم إلى ذلك من يتشاغل بالإكثار منها قبل وقوعها