رواية عمير بن هانئ لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله وتقدم بعد بابين من باب علامات النبوة من هذا الوجه بلفظ لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك وزاد قال عمير فقال مالك بن يخامر قال معاذ وهم بالشام وفي رواية يزيد بن الأصم ولا تزال عصابة من المسلمين ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة قال صاحب المشارق في قوله لا يزال أهل الغرب يعني الرواية التي في بعض طرق مسلم وهي بفتح الغين المعجمة وسكون الراء ذكر يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني قال المراد بالغرب الدلو أي الغرب بفتح المهملتين لأنهم أصحابها لا يستقى بها أحد غيرهم لكن في حديث معاذ وهم أهل الشام فالظاهر أن المراد بالغرب البلد لأن الشام غربي الحجاز كذا قال وليس بواضح ووقع في بعض طرق الحديث المغرب بفتح الميم وسكون المعجمة وهذا يرد تأويل الغرب بالعرب لكن يحتمل أن يكون بعض رواته نقله بالمعنى الذي فهمه أن المراد الأقليم لا صفة بعض أهله وقيل المراد بالغرب أهل القوة والاجتهاد في الجهاد يقال في لسانه غرب بفتح ثم سكون أي حدة ووقع في حديث أبي أمامة عند أحمد أنهم ببيت المقدس وأضاف بيت إلى المقدس وللطبراني من حديث النهدي نحوه وفي حديث أبي هريرة في الأوسط للطبراني يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم من خذلهم ظاهرين إلى يوم القيامة قلت ويمكن الجمع بين الأخبار بأن المراد قوم يكونون ببيت المقدس وهي شامية ويسقون بالدلو وتكون لهم قوة في جهاد العدو وحدة وجد تنبيه اتفق الشراح على أن معنى قوله على من خالفهم أن المراد علوهم عليهم بالغلبة وأبعد من أبدع فرد على من جعل ذلك منقبة لأهل الغرب أنه مذمة لأن المراد بقوله ظاهرين على الحق أنهم غالبون له وأن الحق بين أيديهم كالميت وأن المراد بالحديث ذم الغرب وأهله لا مدحهم قال النووي فيه ان الإجماع حجة ثم قال يجوز ان تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد ولا يلزم ان يكونوا مجتمعين في بلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وان يكونوا في بعض منه دون بعض ويجوز اخلاء الأرض كلها من بعضهم أولا فأولا إلى ان لا يبقى الا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله انتهى ملخصا مع زيادة فيه ونظير ما نبه عليه ما حمل عليه بعض الأئمة حديث أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها أنه لا يلزم ان يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة وهو متجه فان اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد الا ان يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز فأنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه واما من جاء بعده فالشافعي وان كان متصفا بالصفات الجميلة الا انه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل فعلى هذا كل من كان متصفا بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا